لعل الواحد منّا لا يصدق أحدًا إذا قال له: “أن نفرًا من الآباء يفسدون أبناءهم”.
سأكتفي هنا بعددٍ من الأقوال المشهورة:
في الحديث الشريف: “كل مولود يُولد على الفِطرة، فأبواه يهودَّانه أو ينصَّرانه أو يمجسانه”، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم”. هذا القول وحده كافٍ في هذا المقام.
ولا شك أيضًا في أنهما يعلمانه أو يجهلانه أو يدمرانه.
ولكن إليك أقوال أدنى طبقة من ذلك، ولكنها تشرح القول تمامًا:
في كتابه بعنوان “النظرات” الذي صدر في سنة (1924م)، ذكر فيه الشاعر والأديب المصري مصطفى لطفي المنفلوطي قطعة مشهورة بعنوان: “شريكك في الجريمة أبوك”، جاء فيها: “انشغالك عن ابنك في صغره سيجعله يتجه إلى من يستمع إليه خارج أسوار الأسرة، وغالبًا ما يكونون وبالًا عليه”.
وأستشهد في نفس السياق بما قاله أمير الشعراء أحمد شوقي؛ فقد قال في قصيدته المشهورة بمطلعها (قُم للمعلم وفه التبجيلا ..كاد المعلم أن يكون رسولا)، والتي ألقاها في حفلة نظّمها نادي مدرسة المعلمين العُليا بالقاهرة في سنة (1937م):
ليس اليتيمُ من انتهى أبوَاهُ من هَمِّ الحياةِ وَخَلَّفاهُ ذليلا
إن اليتيمَ هو الذي تَلْقَى له أمًا تخلَتْ أو أبًا مَشْغولا
وأختم بقول “رهين المحبسين” أبو العلاء المعري:
وينشَأُ ناشِئُ الفِتيان منَّا….عَلى ما كانَ عوَّدَه أبوهُ
وَما دانَ الفَتى بحِجى وَلكِن….يُعَلِّمُهُ التَدَيّنَ أقرَبوهُ
0