قال تعالى في سورة البقرة (الآية :197): (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)
لقد حظي هذا البلد المقدس بتحمل مسؤولية تقديم الخدمات المتكاملة لحجاج ومعتمري بيت الله الحرام، وزوار مسجد نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- منذ أن تطأ أقدامهم أرض المملكة وحتى عودتهم إلى أراضيهم سالمين غانمين.
ومن هذا المنطلق ظلت الرعاية الكريمة الشاملة للقادمين لأداء فريضة الحج والعمرة موضع اهتمام أولي الأمر في المملكة منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز -رحمه الله- واستمرت في عهد الملوك من أبنائه، إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-.
ومن بيانات وزارة الحج يتضح أن أعداد الحجاج، قديمًا كانت ثابتة تقريبًا في حدود المائة ألف حاج من جميع أنحاء العالم الإسلامي في فترات السلم والازدهار الاقتصادي، وكانت تنخفض إلى حدود عشرين ألف حاج في أعوام الكساد مثل عام (1922م)، وإلى حوالي تسعة آلاف في عام (1914م) أثناء الحرب العالمية الأولى.
وبدأت الزيادة المضطردة في أعداد الحجاج القادمين من الخارج في عام (1370هـ)؛ حيث وصل تعدادهم إلى أكثر من (148) ألف حاج، وذلك بزيادة قدرها 50% من العام السابق له مباشرة، واستمرت الزيادة حتى وصلت إلى ستة أضعاف العدد تقريبًا، فقد ارتفع العدد إلى (879) ألف حاج عام (1401هـ)، وإلى (912) ألف حاج في عام (1405هـ)، وظلت أعداد الحجاج تتراوح بين (800) إلى (900) ألف حاج لحين تم اتخاذ قرار مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية الذي تم عقده في عمان بالأردن عام (1408هـ) بأن تكون أعداد الحجاج متوافقة بنسبة واحد إلى الألف لعدد السكان في الأقطار الإسلامية، ومع ذلك فلا يزال الإقبال على الحج والعمرة يشهد ازدحامًا منقطع النظير لعدة أسباب منها: توفير الأمن والاستقرار -ولله الحمد والمنة- في مناطق ومدن وطرق الحج، والانتعاش الاقتصادي لكثير من الدول الإسلامية، فضلًا عن ارتفاع الطاقة الاستيعابية للحرمين الشريفين نتيجة للمشاريع الكبرى التي قامت بها حكومة المملكة -حرسها الله-، وكذلك في إنشاء شبكة الطرق البرية التي تربط المملكة بالدول المحيطة وتطوير وسائل النقل المريحة التي تربط مناطق الحج؛ إضافة للزيادة في أعداد السكان في البلاد الإسلامية.
ونتيجة لما تقدمه المملكة -حرسها الله- من خدمات وتسهيلات كبيرة في إصدار تأشيرة الحج والعمرة والزيارة وغيرها من الخدمات كطريق (مكة)، ارتفع عدد المعتمرين خلال موسم رمضان عام (2024م)، إلى رقم قياسي فقد بلغ العدد أكثر من (13.55) مليون معتمر، وهو أكبر ارتفاع في تاريخ المعتمرين من خارج المملكة.
ونحن نعيش أشهر حج (2024م) حاليًّا، أسأل الله الكريم أن يُجزي خادم الحرمين الشريفين الملك (سلمان بن عبد العزيز) وولي عهده الأمين الأمير (محمد بن سلمان) -حفظهما الله ونصرهما- خير الجزاء لما يقومان به من خدمة لحجاج ومعتمري وزوار بيت الله الحرام ومسجد نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
0