زاوية رواق
حين تكتسي البقاع الطاهرة باللون الأبيض، وينطلق التهليل والتكبير ليعانق الأرجاء، تتوحد النفوس أمام الخالق سبحانه وتعالى في الرحلة القاصدة من جبل الرحمة طلباً للغفران للملايين المكتسية بثياب الإحرام، لا فرق في العرق أو اللون أو اللسان، تتجاوز الاختلافات الثقافية والطبقية فتتجلى معاني الوحدة، والجميع يقصد الديًان بتجمع يعكس روح الأخوة والمساواة بين المسلمين وينمي مشاعر التعاضد والتراحم في تجمع مثير للمشاعر.
ضيوف الرحمن خلال رحلتهم يشكلون مدينة مليونية بيضاء متحركة، تحتاج إلى الانضباط والخدمات بما يضمن تحقيق أهداف كل فرد من هذه الملايين، وذلك ما تضطلع به المملكة العربية السعودية وهي تجند كافة طاقاتها، وتقدم حزم متراصة من التسهيلات والخدمات التي تضمن التيسير والأمان لتجمع كبير يثير العديد من المشاعر والتجارب الروحية والنفسية لدى الحجاج.
على الصعيد الآخر، تولي المملكة العربية السعودية اهتماماً خاصاً بهذا التجمع الكبير وتعمل على رعايته باذلة كافة جهودها المادية والعينية لراحتهم في قطاعات السكن والاعاشة والتنقل.
ويدخل القطاع الخاص بثقله في هذا العمل كعادته منذ عهود طويلة، فالحراك السنوي الاستثنائي لجميع القطاعات يشمل الكل لا يستثني أحداً، إيماناً من الجميع بأن خدمة ضيوف الرحمن شرف وفخر لبلادنا العزيزة.
ولكون هذه الخدمة شرف كبير فإن الجميع يعملون بكل طاقتهم ووسعهم من أجل هذه الخدمة والتأكد من أدائها على الوجه الاكمل بغية الأجر والثواب من رب العباد.
وما زالت السعودية عبر أجهزتها المختلفة تقدم التسهيلات والتطوير المتنامي في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة في سبيل راحة وأمن ضيوف الرحمن، وقد حققت في ذلك نجاحاً يتم طرحه أمام العالم من خلال المنتديات والفعاليات التي تسبق موسم الحج وبعد اكتماله، ومن ذلك ندوة الحج الكبرى التي يتناقل صيتها العالم عقب تخصص بلادنا في إدارة حشود المدينة العالمية البيضاء المتحركة.
وبشكل عام، فإن العمل في الحج يتطلب جهداً كبيراً، لكنه في الوقت نفسه فرصة للأجر والثواب والخبرة القيّمة، ويحتاج العاملون إلى الالتزام والتدريب والمهارات المناسبة لخدمة الحجاج على أكمل وجه، لذا يعتبر الحج مدرسة كبرى تمنح خبراتها لجميع العاملين في الموسم.