المقالات

القلوب التي في الصدور: رنين الكون وميدان معركة القتال بين الخير والشر

اجتهد العلماء في العصر الحديث، وأخص بالذكر روّاد الحضارة الغربية المادية في تكريس مبادئ توارثتها الأجيال في عالمنا العربي الإسلامي بنوع من التبطين الفكري الذي غرس مبادئ المادية البحتة في طبيعة العلوم، ومن أبرز مظاهر هذا التبطين الفكري الذي اكتسب صفة الرسائل الناعمة التي ما فتئت أن تكونت كمعتقدات أنست أبناء الأمة إرثًا خالدًا حكم العالم لمدة ثمانية قرون بل ومن أبرز ما نستشهد به في هذا المقام هو الفجوة الفكرية والعقلية بين حقيقة القلب كما ورد في القرآن الكريم وصحيح السنة المطهرة من كونه عقلًا مدبرًا وموطنًا للمشاعر البشرية وبين ما تكرس في عقول الأطباء ودارسي علوم القلب من كون هذا العضو الشريف مجرد مضخه للدماء، والأمر قد يبدو عفويًا ويمكن تمريره في قنوات حسن النية من واقع الطابع العلمي المتجرد، ولكن وبعد رحلة علمية تعدت الثلاثة عقود ونيف قضيتها سادنا لعلوم هذا العضو الشريف كرئيس للمؤتمر العالمي الأوحد في مجاله، وهو المؤتمر العالمي لعلوم طب القلب المتقدمة (ملك الأعضاء) في مؤتمراته الخمس 2006 و2008 و2010 و2012 و2019 والتي تمخضت لأول مرة في تاريخ العلوم البشرية عن الإثبات العلمي القائل بأن تلك القلوب التي في الصدور مهاد العقل ودائرة البرمجة المعلوماتية البشرية بل ومنشأ الوعي بتواصلاته الكونية العظمى التي تبدأ بين ذات الصدور، وهي القلوب وتنتهي إلى مالا نهاية حيث التوثيق الأوثق في الكون بأكمله في اللوح المحفوظ وتنزلاته التي تحكم القدر بأكمله منذ بدء الخليقة إلى نهايتها كما هو في نظريتنا للوعي الكوني قلبي المنشأ
(The Heart Based Resonant Fields theory of Human Consciousness)
ومما يلزم الإحاطة به لطلاب العلم وقادة مسيرته في هذه الحقبة الزمنية الهامة العلم بأن نظريات الوعي التي أفرزتها ثورة فيزياء الكم بدأت من مؤتمر سولفي العام 1911م كلها اعتمدت ركيزتين أساسيتين الأولى أن المخ مصدر للوعي والثانية أنها اعتمدت الفيزياء النظرية بما فيها أبحاث ألبرت أينشتاين وديفيد بوهم وكارل بريبرام وغيرهم من رؤوس فيزياء الكم وعلوم الأعصاب في القرن العشرين، بينما اعتمدت نظريتنا للوعي الكوني “عمل تجريبي موثق” هو الأطول في تاريخ العلوم بحصيلة 96000 ساعة للعلاقه المتزامنة والأوركسترا الإعجازية لنشاط تباين نبض القلب البشري ومجالات الطاقة الكونية بما فيها مجالات رنين شومان وترددات تدفق الرياح الشمسية والأشعة المجرية الكونية كما دونتها مجلة “نيتشر” الأشهر عالميًا في تقاريرها العلمية، ومما ينبغي التأكيد عليه أن صريح كتاب الله وسنة رسوله قد أفضت إلى أن القلب تلك اللطيفة الروحانية الربانية التي لها بهذا القلب الجسماني تعلق هي المحاسب وهي المعاقب، وهي المعاتب وهي المطالب والتقوى محلها القلب كما جاء في قوله -عليه الصلاة والسلام- (التقوى هاهنا)، وأشار إلى صدره الشريف وفي حديث وابصة بن معبد الأسدي -رضي الله عنه-: أتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا أريدُ ألَّا أدَعَ شَيئًا مِنَ البِرِّ والإثمِ إلَّا سألتُ عنه، فقال لي:(ادْنُ يا وابِصةُ، فدَنَوتُ منه حتى مَسَّت رُكبَتي رُكبَتَه، فقال: يا وابِصةُ، أُخبِرُك بما جِئتَ تَسألُ عنه؟ قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أخبِرْني، قال: جِئتَ تسألُ عن البِرِّ والإثمِ؟ قُلتُ: نعم، فجَمَع أصابِعَه الثَّلاثَ، فجَعَل يَنكُتُ بها في صدري، ويقولُ: يا وابِصةُ، استَفْتِ قَلْبَك، البِرُّ ما اطمأَنَّت إليه النَّفسُ، واطمأَنَّ إليه القَلبُ، والإثمُ ما حاك في القَلْبِ وترَدَّد في الصَّدْرِ، وإن أفتاك النَّاسُ وأفتَوْك) والقلوب هي ذات الصدور وهي عرش المثل الأعلى الذي هو معرفة الله -عز وجل- ومحبته وإرادته فهي عرش الرحمن -عز وجل- ومن أعظم ما ورد في السنة المطهرة وكلها عظيم عن سيدي رسول الله، من أوتي مجامع الكَلِم، ما ورد عن أبي مالكٍ الحارِثِ بنِ عاصِمٍ الأَشْعَرِيِّ -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيَمانِ، والحمدُ لِلهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ، وسُبْحانَ اللهِ والحمدُ لِلهِ تَمْلآنِ – أو تَمْلأُ – ما بَيْنَ السَّماواتِ والأرضِ، والصَّلاةُ نورٌ، والصَّدَقَةُ بُرْهانٌ، والصَّبْرُ ضِيَاءٌ، والْقُرآنُ حُجَّةٌ لَكَ أو عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدو، فَبائعٌ نَفْسَهُ، فَمُعْتِقُها أَو مُوبِقُها”؛ رواه مسلم. وهو حديث جامع شامل لقواعد الدين. هنا عن واحدة من أعاظم الخصال المذكورة في الحديث الشريف ألا وهي وشاهدنا هنا عن خصلة الصبر، والتي قرنت بالكمال إذا صاحبها الإيمان والصلاح والتواصي بالتمسك بالحق والتراغب فيه كما في قول المولى -عز وجل-:
(وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر) (سورة العصر الآيات من 1-3) و الصبر هو حبس النفس عما تتمنى، وتحمُّلها ما يشق عليها، وثباتها على الحق رغم المصائب، وقوله صلى الله عليه وسلم ضياء: أي شدة النور، أي أنه بالصبر تنكشف الكُرُب كما تنكشف معالم الطريق لسالكه فيمضي لما قُدِر له من خير قد خُط له في صحائفه. وفي الصبر يقول الإمام الغزالي صاحب (عجائب القلب) “فلنُسمِّ هذه الصفة التي بها فارق الإنسانَ البهائم في قمع الشهوات وقهرها باعثًا دينيًّا، ولنسمِّ مطالبة الشهوات بمقتضياتها باعث الهوى، وليفهم أن القتال قائم بين باعث الدين وباعث الهوى، والحرب بينهما سجال، ومعركة هذا القتال قلب العبد. فالصبر عبارة عن ثبات باعث الدين في مقابلة باعث الشهوة، فإن ثبت حتى قهره واستمر على مخالفة الشهوة، فقد نصر حزب الله، والتحق بالصابرين، وإن تخاذل وضعف حتى غلبته الشهوة ولم يصبر في دفعها، التحق بأتباع الشياطين”. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ النَّاسِ يَغْدو، فَبائعٌ نَفْسَهُ، فَمُعْتِقُها أَو مُوبِقُها) أي ناجٍ أو هالك بما يُحصّل في دار معركة الخير والشر وهي ذات الصدور أي القلوب فحصادها هو المقرر لما بعده إذا جد الجد وليس لغير حصادها منجد لا مال ولا بنون ولا عسجد. يقول المولى -عز وجل- (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89))(سورة الشعراء الآيتان 88، 89) فالقلب ميدان معركة القتال بين الخير والشر، ومن على أرض المعركة تتحدد المصائر إما لجنة أو لنار والعياذ بالله.
جعلنا الله وإياكم مَن يأتون إليه بقلب سليم، هذا وصلي الله وسلم وبارك وأنعم على سيدنا وقرة أعيننا خير خلق الله محمد بن عبدالله وعلى من والاه إلى يوم أن على الحوض نلقاه…

– أستشاري أول تشوهات القلب الخلقيه والقسطره الكهربائيه وزرع المنظمات والصادمات مزيلة الرجفان*
– صاحب نظرية الوعي الكوني قلبي المنشأ*

أ.د. عبدالله بن عبدالرحمن العبدالقادر

- أستشاري أول تشوهات القلب الخلقيه والقسطره الكهربائيه - صاحب نظرية الوعي الكوني قلبي المنشأ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى