كان الحج رحلةً محفوفة بالخوف والمخاطر، وانعدام الأمن، وقلة الموارد، وضيق الأمكنة؛ قد لا يعود الحاج منها سالمًا، وقد يعود ببعض الفجيعة والمشقة ووعثاء السفر، فالطاعون والجدري والكوليرا والتهاب السحايا وقطّاع الطرق والجوع وطغيان الحكم الجائر في مكة والبدع والشركيات من أقسى التحديات التي كانت تواجه الحج والحجيج في كثير من الأزمنة التي سبقت توحيد المملكة العربية السعودية.
لكن الحج اليوم أصبح بفضل الله -عز وجل- ثم بفضل جهود هذه الدولة المباركة رحلةً إيمانية مسكونة بالأمن والسكينة، وصفاء العقيدة وجودة الحياة والتنظيم والخدمات التي لا يمكن أن تتحقق في كثير من دول العالم الحديث .
وهذه الحقيقة أصبحت واقعًا يشهد به كل مسلم منصف، عاش طمأنينة أداء الفريضة من خلال الحج أو العمرة أو الزيارة.
فعمارة الحرمين الشريفين من حيث المساحة والسعة والحداثة هي الأعظم على مر التاريخ، وكل ذلك من أجل راحة وفود الله، والخدمات التي تُقدم للحاج والمعتمر لا مثيل لها حتى في بلدانهم، وما إن ينتهي موسم الحج حتى يبدأ موسم العمرة في أداء متصل لا يفصل بينهما سوى أربع وعشرين ساعة دون أن تكون هناك فسحة ممكنة لالتقاط الأنفاس، وكل ذلك من أجل خدمة وراحة ضيوف الرحمن، فتأشيرات العمرة ستصدر في الثالث عشر من هذا الشهر؛ ليكون دخول المعتمرين متاحًا في اليوم الرابع عشر مع بدء فراغ الحجاج من نسكهم، ومنظومة الخدمات المتكاملة مستمرة، ولن تتوقف من أجل أمنهم وسلامتهم طوال العام، وتهيئة كل ما ييسر لهم سبل أداء العبادة.
فالسعودية تُسخر كل الجهود والطاقات والإمكانات لخدمة الحرمين الشريفين وقاصديه دون مقابل، فتأشيرة الحج تُقدم مجانًا للحاج في المرة الأولى، وما يدفعه الحاج مقابل حزمة الخدمات المقدمة له من سكن ونقل وإعاشة يدفعها في بلده وبعثات الحج هي من تتعاقد مع القطاع الخاص حول نوعية ومستوى وقيمة تلك الخدمات، أما الأمن والأمان والتنظيم والتوعية والخدمات الصحية، وما يندرج تحتها من عمليات كبرى وصغرى بما في ذلك عمليات القلب المفتوح والقسطرات والتدخل الجراحي الطارئ والغسيل الكلوي والدواء، وتصعيد المرضى لاستكمال فريضتهم برفقة فرق علاجية ومستشفيات متنقلة ووسط رعاية لا مثيل لها تُقدم مجانًا من هذا البلد الطيب، والحجاج شهود الله في مشاعره على ذلك .
فهذه هي بلادي وهذه توجيهات قيادتها وجهود أبنائها.. حماها الله.
0