في عهد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – طيب الله ثراه- كان الاهتمام بالحرمين الشريفين على رأس أولوياته، حيث أصدر توجيهه الصريح إلى مجلس الشورى- آنذاك- يأمره بتكوين لجنة خاصة تعمل على “العناية بشأن الحج، والحجاج؛ لأن السعي لخدمة مصالح الحجاج في هذه البلاد المقدسة من أسباب القرب إلى الله، إن شاء الله تعالى، ومن الواجب لمصلحة هذه البلاد العناية بهم، والسهر على راحتهم”.
وبهذه الروح المتطلعة إلى العناية الفائقة بالحرمين الشريفين وبضيوف الرحمن من حجاج البيت الحرام وأدائهم لنسكهم بكل راحة وأمان، سار خلفاء الملك المؤسس من الملوك البررة – رحمهم الله جميعاً- وصولاً إلى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ومعه عضده وسنده وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله-.
ويبدو اهتمام قيادة المملكة الرشيدة – أيدها الله- بضيوف الرحمن في تلك المشروعات العظمى وغير المسبوقة، سواء بالحرم المكي الشريف أو بالمشاعر المقدسة، مع تأكيد الحرص على تحقيق أمن وامان الحجاج، وهي غاية كبرى سخرت المملكة وقيادتها الرشيدة كل الوسائل لتحقيقها.
وفي هذا السياق، قال خادم الحرمين الشريفين في حفل الاستقبال السنوي لكبار الشخصيات الإسلامية وضيوف الجهات الحكومية بموسم حج 1440هـ: “لقد شرف الله المملكة العربية السعودية بخدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن، خدمة نفخر بها، فجعلنا رعايتهم وسلامتهم في قمة اهتماماتنا، وسخرنا لهم كل ما يعينهم على أداء حجهم”.
وفي حفل الاستقبال نفسه.. ولكن بموسم حج 1444هـ، قال سمو ولي العهد مخاطباً الحضور ، ومنهم قادة القطاعات العسكرية المشاركة في حج ذلك العام،: “إن ما تقدمونه من جهود، وما تقومون به مع أجهزة الدولة الأخرى، من أعمال متواصلة لخدمة حجاج بيت الله الحرام، والسهر على راحتهم، والحفاظ على أمنهم؛ هو محل فخرنا واعتزازنا، وسنواصل بذل الجهود وتسخير الإمكانيات، لتيسير أداء الحج كل عام إلى ما لا نهاية”، مضيفاً سموه: “إن التضحيات الكبيرة وأعمال الشرف والبطولات التي تقومون بها، حفاظاً على أمن بلادكم، ومقدساتها؛ هو نهج سار عليه أبناء هذه البلاد منذ تأسيسها، ولن يتوانوا عن حماية أمنها وصون استقرارها وحفظ مقدراتها”.
وتأسيساً على ما سبق، أتي حرص سمو وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بالوقوف مؤخراً على جاهزية قوات أمن الحج لتنفيذ مهماتها في حفظ أمن وسلامة حجاج بيت الله الحرام، وذلك في الحفل السنوي للاستعراض العسكري لقوات أمن الحج والأجهزة المعنية بشؤون الحج والحجاج المشاركة في تنفيذ الخطة العامة لموسم حج هذا العام 1445هـ.
ولأن “أمن الحج .. خط أحمر”.. هدف سامِ جندت المملكة كل إمكانياتها لتحقيقه، لم يكن مستغرباً أن يكون هذا الشعار هو السائد في موسم حج العام الجاري 1445هـ ، وهو ما ظهر جلياً في المؤتمر الصحفي لقيادات قوات أمن الحج في مركز العمليات الموحدة (911) بمكة المكرمة مؤخراً، حين شدد الفريق محمد البسامي.. مدير الأمن العام رئيس اللجنة الأمنية للحج.. على جاهزية القوات الأمنية للتعامل مع “كل ما يمس الإخلال بالأمن والنظام، ومنع كل الأعمال المؤثرة على أمن وسلامة ضيوف الرحمن”، مشيراً إلى أن هناك تكثيفاً للوجود الأمني على مدار الساعة، بما يضمن رصد كل أنواع البلاغات والملاحظات الأمنية والاستجابة السريعة واتخاذ الإجراءات اللازمة.
وخلال الفترة الماضية، ضبطت قوات الأمن 140 حملة حج وهمية، و64 ناقلاً مخالفاً لأنظمة الحج وتعليماته، كما جرت إعادة 97664 سيارة مخالفة، و171587 من غير المقيمين بمكة المكرمة، و4032 مخالفًا لأنظمة وتعليمات «الحج بلا تصريح”.
وأوضح اللواء البسامي خلال المؤتمر الصجفي أن أمن الوطن خط أحمر، وأن أمن الحجاج خط أحمر، وأمن المشاعر خط أحمر، مشيراً إلى أن قوات أمن الحج ستقف بحزم ضد كل ما يمس الإخلال بالأمن أو النظام، ومنع جميع الأعمال المؤثرة في أمن وسلامة ضيوف الرحمن، مشدداً على أن من أولويات قوات أمن الحج، المحافظة على أمن وسلامة ضيوف الرحمن خلال أداء نسكهم في مختلف المشاعر المقدسة منذ وصولهم حتى مغادرتهم إلى بلدانهم بسلام آمنين، مشيراً إلى أن من مقتضيات تحقيق ذلك منع مخالفي أنظمة وتعليمات الحج، ممن لم يحصلوا على تصريح بالحج، من دخول المشاعر المقدسة، بفرض طوق أمني على مداخل مكة المكرمة والمشاعر المقدسة.
كذلك، أكد اللواء البسامي أن من مهام ومسؤوليات قوات أمن الحج لهذا العام تكثيف الوجود الأمني الميداني، بما يسرّع من رصد أنواع الحالات والملاحظات الأمنية كافة، والاستجابة السريعة بالإجراءات المناسبة حيالها، واتخاذ التدابير الوقائية لمنع وقوع الجريمة، ومكافحة النشل، وأي ظواهر سلبية تؤثر في أمن وسلامة الحجاج، وتطبيق مبدأ الوقاية والسلامة للحجاج، من خلال تفويجهم داخل المسجد الحرام والمنطقة المركزية والمشاعر المقدسة، وتوازن حركة المرور في مراكز الضبط الأمني في مداخل مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والطرق المؤدية إليهما، وإدارة وتنظيم الحركة المرورية بالمنطقة المركزية والمشاعر المقدسة، وجميع الطرق والمناطق المحيطة، لانسيابية حركة المركبات والمشاة، وإدارة التقاطعات والطرق الرئيسية.
ومن جانبه، قال اللواء ركن محمد العمري.. قائد قوات الطوارئ الخاصة برئاسة أمن الدولة..: “إن قوات الطوارئ الخاصة تعمل على المحافظة على حفظ الأمن والنظام في مكة المكرمة والمدينة المنورة والعاصمة المقدسة، وتأمين الحماية لضيوف البلاد، ومنع المخالفين لأنظمة الحج من الوصول إلى المشاعر، وإدارة حركة الحشود، وتنظيم رمي الجمرات وفق الخطط الأمنية، وإدارة الحشود في الساحة الجنوبية للحرم المكي”.
فيما أوضح اللواء طيار ركن/ عبد العزيز الدريجان.. قائد عام طيران الأمن السعودي.. أن طيران الأمن يعمل على تسيير رحلات استطلاعية للتأكد من انسيابية الحركة المرورية لحجاج بيت الله، والتأكد من سلامة الطرق المؤدية للمشاعر المقدسة من المتسللين غير المصرح لهم بالحج، ومساندة القطاعات الأمنية في مهامها، ودعم الخدمات الإنسانية في أعمال الإخلاء الطبي والإنقاذ والإطفاء.
ومن ناحيته، أكد اللواء الدكتور/ صالح المربع.. قائد قوات الجوازات بالحج.. أن اللجان الموسمية الإدارية بالمديرية العامة للجوازات تعمل على تطبيق العقوبات بحق ناقلي مخالفي أنظمة، وتعليمات الحج، ممن لا يحملون تصاريح حج نظامية، التي تصل إلى السجن لمدة 6 أشهر، وغرامة مالية تصل إلى 50 ألف ريال عن كل مخالف يتم ضبطه، وهو لا يحمل تصريحاً بالحج، وتتعدد الغرامات بتعدد المخالفين المنقولين، وترحيل الناقل إن كان وافدًا بعد تنفيذ العقوبات، ومنعه من دخول المملكة وفقاً للمدد المحددة نظاماً، والمطالبة بمصادرة وسيلة النقل بحكم قضائي.
وأخيراً.. ندعو الله بالتوفيق لحكومتنا الرشيدة – أيدها الله- في تحقيق الهدف السامي “أمن الحج .. خط أحمر”، وأن يحفظ الله خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، وأن يوفقهما إلى ما يحبه ويرضاه.
– نائب رئيس مجلس إدارة شركة مطوفي حجاج الدول الأفريقية غير العربية