من يذهب إلى الحج يذهب إلى طاعة الرحمن مستغفرًا تائبًا مُنيبًا إليه تاركًا وراءه ملذات الدنيا مُقبلًا على ربه، طامعًا في أجره وغفرانه سالكًا سبل طاعته؛ ليرجع كما ولدته أمه.
من يذهب إلى الحج يكون للمشاعر عارفًا وللفقه فاهمًا، وللعبادة مخلصًا، ولا ينشغل بأمور تسرق حسناته وتضيع ثوابه، وتجرح نسكه وقد تبطل حجته.
يترك الحاج أهله وأحبابه وموطنه قاصدًا أداء فرضه في مدة زمنية قصيرة وأيام معدودة؛ سائلًا ربه القبول والغفران؛ ليرجع إلى أهله وأحبابه وموطنه بشخصية إيمانية وسلوك حسن وعقل حكيم أحسن مما كان عليه قبل سفره.
يحكم عليه من تعامل معه قبل سفره وبعد سفره كيف كان وكيف هو الآن، هل آثار الحج عليه واضحة وجلية في تصرفاته وسلوكياته وتفكيره أم هو هو لم يتغير بدون زيادة أو نقصان، حتى تشك هل كان حاضرًا الحج بجسده؟
في الحج يتلقى الحاج جُرعات إيمانية كبيرة وشحنات إيجابية كثيرة، وكلها بشاير خير للفرد والمجتمع.
في الحج لباسهم جميعهم البياض النقي مهمها اختلفت ألوان بشرتهم إلا أنهم اتحدوا في لون واحد على أجسادهم بلون أبيض طاهر، يذكرهم أنهم متساوون ولتكون قلوبهم بيضاء هو الأهم كما هي أجسادهم المغطاة بالقماش الأبيض متجردين عن ملابس اعتادوا في حياتهم وعن أنواع وماركات ومظاهر لأقمشة درجوا على لبسها طوال حياتهم؛ ليأتي القماش الأبيض الرخيص ذو الدراهم القليلة ليلف جسدهم، ويُذكرهم أن الدنيا رخيصة كرخص ما تلبسون، وأن جسدكم سيغطى بالأبيض حيًّا حاجًا مُحرمًا وميتًا كفنًا مغطى، ومهما لبست الغالي والثمين هذا اللباس الرخيص يُذكرك بأنك غالٍ بلباس التقوى والإيمان وغالٍ بما تملكه من موازين حسنات ثقال، لباس أبيض يذكرنا أننا ولدنا صفحة بيضاء ولوثتنا الدنيا بسيئاتها، وجاء الحج ليمنحنا ميلادًا ربانيًا جديدًا بشهادة ميلاد جديدة لحياة جديدة بيضاء.
هل سيذكّرك القماش الأبيض أن يكون ظاهرك كباطنك كلاهما أبيض نقي كنقاء ماء الثلج؟!