قبل سنوات أكرمني الله بحج بيته الحرام، ورأيت بأم عيني ما تقوم به المملكة العربية السعودية من جهود جبارة وعظيمة لخدمة ضيوف الرحمن، وفي كل عام أتابع عبر الشاشات ووكالات الأنباء ما يُضاف من تطورات للتيسير على ملايين الحجاج في أداء الفريضة، وهذا العام شهد موسم الحج تطورًا كبيرًا على كل المستويات، واستخدم القائمون على عمليات التنظيم تقنيات التكنولوجيا الحديثة كالذكاء الاصطناعي، والتي برعت فيها المملكة خلال السنوات الماضية ضمن رؤية 2030، وحققت فيها إنجازات مهمة بشهادات المؤسسات الدولية، وهذه التكنولوجيا مكنت ملايين الحجاج من أداء شعائرهم بسهولة ويسر.
وما بين التاكسي الطائر وبطاقة نسك والسيارات الكهربائية، والقطار الهيدروجيني والروبوتات ومكانس التطهير الذكية وجهاز الخدمة الذاتية للحصول على ماء زمزم من خلال باركود، وتركيب كاميرات ذكية تعتمد على تقنيات التعرف على الوجوه لتعزيز الأمن ومراقبة الأماكن العامة والطائرات بدون طيار وصولًا إلى “الطبيب الآلي” عبر استخدام الربوتات من أجل توفير الخدمة الطبية للحجاج؛ فضلًا عن متابعة الحالة الصحية للحاج وبياناته الصحية كقياس ضغط الدم ونسبة الأكسجين ونبضات القلب ضمن تطبيق بطاقة الشعائر الذكية، وتنظيم حملات إعلامية وتوعوية ميدانية شملت مواضيع ذات صلة بالحج مثل: الإجهاد الحراري وضربات الشمس والجفاف والتسمم الغذائي وغيرها وإمكانية طلب المساعدة الأمنية الطارئة، وتوفير روبوتات أيضًا لتقديم خدمات الإفتاء بالترجمة الفورية بـ 11 لغة عالمية للرد على الاستفسارات الشرعية ما أجل تيسير رحلة الحج المباركة لضيوف الرحمن.
وخلال الموسم الحالي تمَّت الاستعانة بشكل كبير على تطبيقات الذكاء الاصطناعي؛ لتوجيه حركة الحجاج ومنع التكدس والزحام، وتقليل المخاطر والمشكلة.
والحقيقة أن المملكة العربية السعودية نجحت خلال الفترة الأخيرة في توظيف كل الطاقات والإمكانات عبر مجموعة كبيرة من التقنيات والبرامج التكنولوجية المتطورة؛ ما أحدث نقلة نوعية في إدارة موسم الحج، وهو الحدث الديني الأكبر على مستوى العالم الذي يتوافد خلاله ملايين المسلمين بلغات وثقافات مختلفة من كل حدب وصوب على المملكة لأداء فريضة الحج .
حقًا.. إنها ملحمة اعتاد عليها الشعب السعودي بكل أطيافه لخدمة ضيوف الرحمن ضاربًا المثل في الكرم والجود والتضحية فضلًا عن تسخير الحكومة السعودية كل إمكانياتها لتسهيل انتقال الحجاج وتمكينهم من أداء الشعائر المقدسة بسهولة ويسر، وقد نجحت المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء في تنظيم موسم حج هذا العام وخروجه بهذه الصورة الرائعة؛ وخاصة يوم عرفات “ركن الحج الأعظم” الذي شهد تجمع الملايين من شتى بقاع الأرض دون أزمات تذكر وبدا حرص السعودية على الاعتدال والوسطية، والابتعاد عن الفكر المتطرف وأصحاب الفتن التي تدمر الشعوب والدول.
والحقيقة أن رؤية 2030 التي أطلقها سمو ولي العهد منذ سنوات أحدثت نقلة نوعية في مختلف الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام، وأتاحت برامجها ومبادراتها الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين بمشارق الأرض ومغاربها لأداء فريضتي الحج والعمرة بيسر وسهولة في ظل التطوير الكبير والمتسارع الذي يجري في مشاريع البنية التحتية للمدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة ولخدمة ضيوف الرحمن، دشَّن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – برنامج خدمة ضيوف الرحمن في عام 2019 لتسهيل عمل الحجاج وتنقلاتهم كما تسعى المملكة خلال السنوات المقبلة إلى أن تكون جميع إجراءات الحج إلكترونية بداية من القدوم وحتى المغادرة.
0