نقترب سريعًا من انتهاء العشر الأوائل، وتنقضي كالبرق بالأمس كان اليوم الأوَّل واليوم هو الثامن والرسالة التي تصلنا صحيح الأيام سريعة والمواسم خاطفة والأوقات ذاهبة والفرص مغادرة؛ فهنيئًا لمن اغتنمها واستثمرها وقطف ثمارها ونال ثوابها وفرح بأجرها؛ لأنها أيام معدودة وليست أيامًا مصفوفة ومجموعة في أشهر، أيام معدودة ونعمة الصحة تُساعد على بذل جهود أكبر لطاعات أكثر وأجور أكبر في وقت أصغر وعمر أسرع؛ فلماذا الانتظار والتردد لأن هناك من فقد نعمة الصحة ويُعاني المرض وأنينه إلا أنه عزم الجد والاجتهاد في عدم تضييع الأجور والثواب فيما يستطيع أن يستغل الأيام السريعات بلا تكلف نفس ولا ضرر ولا ضرار.
تذكر لن يتركك الشيطان فيما تبقى من أيام العشر، وراح يطلع لك مليون شغلة وفكرة والغريب أنه يشجعك هذه الأيام في إنجاز كل أعمال السنة المؤجلة والعادية والروتينية حتى تنتهي العشر، ويقول لك بعد ذلك ارتاح لأنك أنجزت ما هو غير مهم وضيعت الأهم.
ضع لك شعارًا (جدولي الحالي والآتي مشغول في صفقة الموسم فيما تبقى من أيام قليلة جدّا)
يوم 9 أفضل أيام السنة يوم عرفة، وهنيئًا لمن عرفه جيدًا واستثمره خير استثمار، وأعد له العدة وخطط له واشتاق له، وعاهد نفسه أن يكون يومًا استثنائيًّا في هذه السنة الهجرية التي اقتربت من نهايتها .
الأغلب سيكون مجازًا في هذا اليوم، وهذه فرصة لترتيب يومك واستغلاله بالشكل الصحيح؛ لتغنم فضله وتكسب أجره .
ان لم تعد جدولًا لغد؛ فاكتب جدولك حالًا، وليس بعد حين أو لاحقًا أو حشوف وبعدني بفكر .
اكتب اليوم ماذا ستفعل وفكر ماذا ستدعي وحضّر أمنياتك ورغباتك وحاجاتك ؟
تذكر ما هي ذنوبك ومعاصيك التي ترجو أن تُمحى تمامًا وتستبدل بحسنات ما هي خفاياك التي أغضبت ربك وسترها عليك وتعاهد ربك ألا تعود إليها ؟
غدًا حالة استنفار قصوى في طاعة
الله فهل نستطيع أن نخصص يومًا لله؟
غدًا كل ثانية فيه هي من أغلى الثواني في السنة فماذا قررت أن تفعل؟
اشتغل في الخير والطاعات واستغله فمن يعرف هل ستعاد الكرّة ونكون في صحة وعافية أو نكون مقيدين على فراش المرض أو تحت التراب ؟
“يوم عرفة” هل عرفنا فيه هدفنا في الحياة؟ وهل عرفنا فيه مكاننا عند الله؟ وهل عرفنا فيه حالنا مع القرآن؟ وهل عرفنا فيه نعم ربنا وقدرناها وشكرناه وحمدناه في يوم عرفة؟ هل عرفنا ما في قلوبنا من أمراض وعالجناها؟
ما دام ربنا أكرمنا بنعمة اليوم العظيم؛ فأعلن حالة استنفار قصوى في طاعة الله وفرّغ نفسك لبضع ساعات فقط وسيخطف اليوم بساعاته السريعة، ولا تنشغل عنه في أمور ملحوق عليها أو تضيع وقتك في أمور لا تنفع ولا تفيد، لأن كل ثانية في هذا اليوم هي من أغلى الثواني في السنة؛ لذا اكتب الآن وخطط كيف تريده أن يكون يومًا استثنائيًّا خالصًا لله وليس يومًا عاديًّا.
تستغرب من شخص في يوم عرفة في نشاط وحيوية، ولكن في مباشرة إنجاز تأجيلاته السابقة وأعمال غير ضرورية ولا مستعجلة ويضيع على نفسه الجوائز الربانية .
يوم عرفة هل عرفنا فيه هدفنا في الحياة؟ وهل عرفنا فيه مكاننا عند الله؟ وهل عرفنا فيه حالنا مع القرآن؟ وهل عرفنا فيه نعم ربنا وقدرناها وشكرناه وحمدناه في يوم عرفة؟ هل عرفنا ما في قلوبنا من أمراض وعالجناها؟
نسأل الله أن يكتب لنا الفوز في يوم عرفة، ولا يجعلنا مفرطين ولا متباطئين ولا مشغولين عن أعظم أيام السنة، اللهم آمين.