المقالات

أوسمة نهاية العام

يمثل الحجُّ بالنّسبة للمملكة حكاماً وشعباً حفل تكريم نهاية العام، وكأنَّه منصة تتويجٍ ليكون الشّكر مقابل الجهد، والتّكريم مقابل عناء عامٍ كاملٍ تكاتفت فيه الجهود، وتعاونت فيه كلّ قطاعات الدّولة، وسطر ذلك شعبٌ جُبل على العطاء قبل الأخذ.

من حسنات وسائل التّواصل الاجتماعي ودور الصّورة في بناء المشهد نفض الغبار عن تلك الصّور الّتي استمرت عقوداً دون أن تصل، ونشطت أعواماً قبل أن تظهر، فتجاسرت تلك الوسائل في إخراج بعضٍ من ذلك المكنون، ولا ننكر أنَّها نجحت، ولكن يبقى ما خرج نزرٌ مما هو كائن، وما نراه قطرةٌ في بحرٍ زاخرٍ بالصّور الآسرة من جهة، والباعثة للفخر من جهةٍ أخرى.

طيلة السّنوات الماضية – أي ما قبل ثورة الصّورة- كان الوعي حكراً على من عاش الحدث، سواء حاجّاً أو من ساقته طبيعة عمله، وهذا بدوره أضعفَ وصول الحقيقة، حتّى بات للحمقى ومن في قلبه مرضٌ تعبٌ ضائعٌ في محاولة التّهوين والتّقليل من حجم العطاء المنثور في تلك البقعة، وفيض الحُبّ الذي سطره هذا الوطن من خلال حكامٍ جعلوا الحجَّ مصب الاهتمام وغاية الطّلب، وشعبٍ تكونت جيناته من خدمة الحجيج وخدمة البيت وقاصديه.

اليوم وللّه الحمد بدأت مؤسسات الدّولة وأنظمتها وقطاعاتها تجني ثمار التّخطيط والتّطوير، واستقامت تلك الممكنات مثل التّقنية وغيرها رافداً مهماً لحجٍّ أكثر سلامةً وسهولة، وتم تمكين جميع السّبل من موارد بشريةٍ وأبحاثٍ تطويريةٍ وأوراقٍ علميةٍ لتأخذ دورها بشكل أكبر، وها هي المعاهد ولجان أبحاث الحجِّ بالخبرات المتراكمة والنّيات الصّادقة لجميع القطاعات المشاركة استطاعت بناء منظومةٍ متكاملةٍ محوكمةٍ لتلك الفريضة، غايتها الأولى “يُسرٌ وطمأنينة” لكلّ حاجّ.

قرابة 2 مليون حاجّ في عام 1445هـ وفق هيئة الإحصاء جميعهم كانوا في مكانٍ واحدٍ في زمنٍ واحدٍ بمتطلباتٍ خاصةٍ وظروفٍ مختلفة، وجميعهم بلا استثناء محل الاهتمام ليكون النّاتج النّهائي أداء الفريضة بيُسرٍ وسهولة.

لن أتحدث عن إحصائيات هذا العام، وما تم تقديمه من قبل تلك الجهات المختلفة، فهناك صفحاتٌ رسميةٌ تعطي تلك البيانات، ولكن هنا نعود لما بدأناه من استحقاقٍ كاملٍ لكلّ يدٍ عملت لذلك الوسام ليبقى التّكريم ثابت الوجهة.

الجميل أن اليوم الأخير في حجِّ هذا العام هو بداية التّجهيز لحجِّ العام القادم، وقد صُرح بهذا رسمياً غير مرّة وكأنها رحلةٌ جديدةٌ في نجاحات المملكة، وعملٌ من أجل وسامٍ جديدٍ مُستَحقٍ نهاية العام القابل، لتتصل السّلسلة، وتطول الرّواية بالمزيد من الإنجازات، والمزيد من النّجاحات، والمزيد المزيد من تلك الأوسمة، الّتي باتت تعرف طريقها في نهاية كلّ عام، وبعد كلّ موسم حجّ.

ختاماً.. جميلٌ أن تجد ما يبعث الفخر، والأجمل أن تجد تلك المفاخر مستفيضةً قد وسعت كلّ هذا العالم؛ بجميع ثقافاته وعرقياته ومذاهبه. وجميلٌ أيضاً أن نكون هنا في بلد الحرمين وما نسطره في الأيام المعدودات مادةً مُلهمةً وسيرةً تتناقلها الأجيال.

رياض بن عبدالله الحريري

كاتب وصانع محتوى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى