المقالات

الشمس والأرض

تُنهي الشمس رحلتها الظاهرية التي دامت ستة شهور يوم الخميس 14/ 12/ 1445 الموافق 20/ 6/ 2024م؛ بوصولها إلى آخر نقطة شروق وغروب لها في شمال الكرة الأرضية وتعامد أشعتها على مدار السرطان الذي يمر بالعديد من دول العالم بما فيها المملكة العربية السعودية، وتحديدًا شمال بيرين وفوق حوطة بني تميم وجنوب الحريق وجنوب الرين وحلبان، ومهد الذهب واليتمة وبدر والرايس بطول 1380 كم.
وبهذا تكون تلك المناطق مقابلة للشمس تمامًا وأشعتها متعامدة عليها؛ فتكسب أكبر كمية من الحرارة وليس أعلى درجة حرارة وأطول نهار يوم الخميس وأقصر ليل ليلة الجمعة وانعدام ظل الأشياء عند الزوال على طول مسار مدار السرطان، وأقصر ظل فيما سواه.
وبهذا التعامد تؤذن الشمس بنهاية فصل الربيع ودخول الصيف فلكيًّا في شمال الكرة الأرضية (الانقلاب الصيفي)، وعودة الشمس جنوبًا في رحلتها الثانية، ولمدة ستة أشهر أخرى ومنهية عامًا كاملًا 365.24 يومًا.
وكان الشمس ماسحًا ضوئيًا يمسح الأرض من مدار إلى مدار ذهابًا وإيابًا وباستمرار.
أما زراعيًّا وحسب العُرف الزراعي في منطقة مكة المكرمة؛ ففي نهاية القيظ ولم يتبقَ منه سوى ثلاثة عشر يومًا حسب قواعد تقويم ابن عميرة الزراعي المناخي؛ ليبدأ بعد ذلك فصل الخريف وتواجد أغلب فواكه الطائف في الأسواق.
وبعد هذا اليوم الخميس 20/ 6 وبداية الرحلة الثانية تبدأ الشمس تشرق وتغرب كل يوم من نقطة جنوب مشرقها ومغربها في اليوم السابق، وتتعامد أشعة الشمس على المناطق التي تمر بها يوميًّا حتى تصل مدار الجدي جنوبًا، ولا يحدث هذا التعامد سوى بين المدارين السرطان والجدي.
وما يجب ذكره هنا هو أن الرحلة الثانية للشمس جنوبًا تأتي والأرض قد سخنت من رحلة الشمس شمالًا كذالك الجو لولا التبريد الهوائي المداري لرأيت حرارة أكثر للهواء؛ فيزيد مرور الشمس الثاني الأرض حرارة كذلك الجو؛ فمن هنا يكون الحر أكبر في رحلة الشمس الثانية وقد قيل: (لا حر إلا بعد الانصراف) أي مغادرة الشمس مدار السرطان جنوبًا.
وأشير هنا بعد هذا السرد العلمي إلى دور الحسابات المحلية الزراعية التي تعتمد على نفس القاعدة، ولكن تسخر الفلك وقوانينه لما يخدم مصالحهم من رعي وزراعة، فنجد أن نجم المرزم الزراعي وفي يوم الخميس تصل الشمس حسب مراصدهم لأقصى نقطة شمالًا، ومن بينهم مراصد أسرة ابن عميرة الأثرية في سراة بني سعد غير بعيد من قرية حليمة السعدية.
ليدركوا أن بعد هذا الزمن لا بد تكثيف الري وزيادة كمية الماء وزرع أنواع وترك أخرى من المزروعات واستعداد لجني الثمار التي تُساعد الشمس على نضوجها كالتين والرمان وغيرها رغم أن منطقة الطائف عامة وسراة بني سعد خاصة تُعتبر باردة بالنسبة لمكة المكرمة وجدة، وذات هواء عليل ومزارع جدًّا رائعة كبساتين العنب والرمان ومزارع الذرة والقمح.
وفي عز الصيف تجد حرارة الجو ليلًا، وفي الصباح لا تتجاوز 22 درجة وفي الشتاء تصل للصفر.
وفي الواقع الفعلي الكرة الأرضية تسبح في الفضاء بمسافات مليونية من الكيلو مترات حول الشمس واقتراب القطب الشمالي شيئًا فشيئًا نحو الشمس، وابتعاد القطب الجنوبي في الصيف، والعكس في فصل الشتاء من ابتعاد القطب الشمالي وقُرب القطب الجنوبي.
وتتجلى حكمة الخالق سبحانه وتعالى في ضبط قوانين هذا الكون وتسييره حسب قوانين دقيقة جدًّا وحكمة بالغة؛ فالأرض بكتلتها الضخمة التي نحن فوقها تسبح في الفضاء وضمن مسارها بسرعة 108000 كم في الساعة بلا شك قدرة الخالق تتجلَّى.

عبدالملك بن عميرة الذويبي

باحث في علم الفلك والتقويم الزراعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى