المقالات

“بهجة” والذكرى البهيجة

أرسل لي الصديق يحي زريقان فيديو من “التيك توك” يتضمن لقاء في برنامج وينك المغربي مع اللاعب الحريف أحمد “بهجة”، والذي يذكرني فيه بخير، ويتحدث عن بعض المواقف في تلك الفترة. والفيديو متاح للجميع في التيك توك، وقبل أن أشكر ثعلب الهجوم “بهجة” وأقدم له التحية. أوضح معنى بهيجة وهي صيغة مبالغة من الفرحة والسعادة. والحقيقة أن “بهجة” اسمٌ على مسمى؛ فقد أبهج قلوب الاتحاديين.. مع رد التحية لـ”بهجة” أقول له: إن الوفا ء هو ديدن الرجال فقد وفيت وكفيت.. “بهجة” اللاعب الذي أتى في زمانه ففعل العجب، ولو أتى في الزمن الحاضر لفعل العجب العجاب. لا زلت أعتقد أن “بهجة” أحرف لاعب أجنبي حضر إلى الملاعب السعودية وبالذات في مركزه، ولو كان “بهجة” في هذا الزمان لأمطرت عليه مزن الاستقطابات ذهبًا. ولكن إذا لم يخرج بتلك الملاءة المالية؛ فإنه خرج بحب الملايين من جماهير الاتحاد في كل مكان، وبزخم من البطولات كانت له صولات الحسم فيها. “بهجة” كان يُقلق فريقًا بكامله. لاعب عُرف بدهاء الأداء والقيمة العالية في التصرف. فمخه كله كورة وفن وحرفنة، ويقولون فلان يعرف من أين تؤكل الكتف. و”بهجة” كان يعرف من أين تؤكل دفاعات الفريق المنافس، وساعد فكره الإبداعي جسمه المرن فطوله ورشاقته استخدمهما أبرع استخدام؛ فأصبح المدافع يحتار هل يراقب تحركات جسمه المخادعة أو أفكاره الأكثر خداعًا ودهاءً. عندما أشرفت على فريق الاتحاد لكرة القدم بداية من عام 1417 ولعدة سنوات كنت فيها بتوفيق الله وثقة أعضاء الشرف من يختار كافة الكوادر الفنية، والذي يهمني هنا التركيز على نجمنا “بهجة”. كان كل همي هو جعل هجوم الفريق على درجة عالية من الكفاءة. لأن هذا المركز هو الذي ينقص المنظومة. ولم يخالجني شك في أن “بهجة” هو الاختيار الأجدر. فقد تابعته وهو في نادي الهلال، وتمنيه في نادي الاتحاد وفعلًا كانت أولى الخطوات هي التواصل مع الأستاذ يوسف عبدالله (في الإمارات) المهتم بالتعاقدات مع اللاعبين، وهو إنسان فاضل وعملي وكريم. فقلت له أود بالتعاقد مع “بهجة” وأريد رأس حربة.. وأريد مدربًا عنده فكر مختلف عن سيناريوهات المدربين الموجودين. فرشح لي ثلاثة مدربين كان منهم ديمتري فاخترته، وأعجبني الملف الخاص به. وقال: ما رأيك في رأس حربة منتخب المغرب كماتشو؟! قلت: إذا هو رأس حربة منتخب المغرب فكيف لا يكون مميزًا. نعم أريده إعارة.. فمهد الطريق لنا وكان علينا أن نكمل العمل. وتواصلت مع “بهجة” وقلت له أريدك في الاتحاد هل ترغب تكون معنا. نعم أم لا؟ فقال: نعم.. طبعًا كانت هناك تحفظات من أعضاء الشرف على إحضار “بهجة” وأصريت على إحضاره، وكانت وجهات نظرهم.. إن الهلال استغنوا عنه لأنه كان لاعبًا مزاجيًا. فقلت أما “بهجة” أو لا أحد وتدخل الأمير خالد بن فهد كما كان حمامة السلام الصديق العزيز والاتحادي المخضرم حسين لنجاوي يقف معي من خلف الكواليس. ويدعم موقفي، وقلت لهم سأتولى قيمة العقد كاملًا؛ فوافقوا. وكان لإنجاز ذلك التعاقد يجب السرية التامة والعمل السريع. فطلبت من الأخ عبد العزيز شكري (رحمه الله) التوجه للمغرب لإنجاز المهمة، وكان الهدف إعارة لمدة سنة واحدة لكل من “بهجة” وكماتشو. أنجز شكري مهمة كماتشو في نفس اليوم بعد تمهيد من الأخ يوسف عبدالله. أما “بهجة” فاتفقنا معهم على سنة إعارة، وبعد منتصف الليل اتصل شكري وقال لي هناك ناديان سعوديان تدخلا ونادي قطري. والجماعة أصبحوا مترددين. فقلت له الآن اعرض عليهم شراء العقد كاملًا وبمبلغ خمسة أضعاف مبلغ الإعارة السنوي الذي اتفقنا عليه، وأن يوقعوا الآن أو ننسحب. . فكانت صدمة إيجابية، ووقعوا فورًا. وكان العرض في ذلك الوقت مفاجئًا ووحيدًا.. وحضر “بهجة”، وكان رقمًا فاخرًا في تحقيق البطولات. هو والنخبة الرائعة من باقي رجال الاتحاد؛ فحققوا الثلاثية والرباعية وغيرها. كانت أحيانًا يحصل بعض اللبس في التفاهمات بين الإدارة و”بهجة” فأتدخل وأتكلم معه فكان يقولي بأسلوبه الشعبوي أنت السكين وأنا اللحم أنت تأمر. كان لدينا مباراة في النهائي مع نادي الهلال وكان “بهجة” وكماتشو في المغرب لأجل تحضيرات المنتخب المغربي. وتأخرا وظهرت لائحة المنتخب وكان ليس من ضمنها “بهجة”. فكلموني أن “بهجة” تأخر فاتصلت عليه لماذ لم ترجع؟ فقال تعرف المنتخب لم تظهر لائحته إلا قبل يومين وما في رحلات إلى جدة قريبة. فقلت له: بنرسل لك طائرة خاصة هل أنت جاهز أو هذا مجرد عُذر؟! قال: لا أنا جاهز وكلمت أخونا الكبير عبد المحسن آل الشيخ، وشرحت له الظروف وتعذر وجود رحلة وأرسلنا له طائرة وحضر، ولعبنا بدون رأس الحربة وفزنا في تلك المباراة 2-0. “بهجة” كان مبدعًا يحب الكرة؛ فانسابت له تجر أذيالها طوعًا. رغم تلك الهالة التي تمتع بها من مدح وإشادة وتأثير في النتائج لم يطلبني يومًا مبلغًا قل أو كثر عن زملائه. “بهجة” وعبد الجليل حدا (كماتشو) عندما حضرا في اعتزال حمزة إدريس. جاءا لزيارتي (ناس أوفياء حافظين العشرة والخوة). “بهجة” وأنا أقدم له التحية على الوفاء غير المستغرب أقول له.. شكرًا “بهجة” فقد أبهرتنا وأبهجتنا، ورسمت اسمك في قلوب كل الاتحاديين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى