المقالات

دع الأمر يمضي!

تُعد “أحجية” أو فرضية ريمان الحسابية إحدى أعقد الفرضيات في علم الرياضيات على الإطلاق، نشأت هذه النظرية على يد عالم الرياضيات الألماني “برنارد ريمان” (1826-1866م)، ولإجابة السؤال كل ما عليك هو أن تُحدد الإجابة بنعم أو لا! والمثير في هذه الفرضية أن إثبات صحتها سيعني أن العديد من نظريات الرياضيات الحديثة؛ المطبقة والمجربة، ستحتاج إلى إعادة نظر في صحتها، أما إن أُثبِت عدم صحة النظرية؛ فجميع مبادئ علوم الرياضيات ستكون في خطر!
تعلمنا هذه النظرية – من حيث المبدأ- أن ليس كل ما هو خارج نطاقنا في حاجة للتدخل في حينه، وهذه طبيعة حياتية نجدها في أمور كثيرة بمقدرة كل منّا أن يعد لها مثالًا، ففي بعض الأمور أن تدع الأمر يمضي لوهلة قد يكون له أثر أكثر إيجابية على أن تتخذ قرارًا مبكرًا.
في دراسة حديثة مثيرة للاهتمام قام بها كلٌّ من (برايان هاوت) و(مايكل يونغ) من قسم العلوم النفسية بجامعة ولاية كنساس الأمريكية عن “متى نتدخل في أمر ما؟” قاموا فيها باختيار عدة مشاركين في جملة من الاختبارات في التصرف واتخاذ القرار؛ وجدوا أن أهم عامل ملحوظ لدي المشاركين حين اتخاذ قرار التدخل هو عامل الحافز أو المردود؛ سواءً كان ماديًّا أو معنويًّا، مأخوذ بالطبع في الحسبان عواقب عدم التدخل بالإضافة لعامل الوقت أيضًا، فاستنتج الباحثون على أن الحافز للتدخل هو أهم سمة لاتخاذ القرار؛ بالذات عندما يكون الانتظار يُساهم في زيادة هذا الحافز، وفي غياب الحافز فلا جدوى من التدخل كليًّا. أما إن وجد الحافز المعيّن لكن ساد الغموض عليه ولا يُعرف إن كان الانتظار سيُساهم في زيادته فأغلب المشتركين كانوا يفضلون التدخل لإنهاء الأمر المعني في الاختبار لأجل عامل الوقت.
عليه نجد أن اتخاذ القرار لا يحمل فقط طريقة اتخاذ القرار أو تنفيذه فقط بل توقيته والجدوى منه تحمل ذات الأهمية، عوضًا عن اتخاذ القرارات بناءً على الضغوطات الأخرى الخارجية – نفسية أو اجتماعية وغيرها – التي قد لا تمت بأي صلة لطبيعة اتخاذ القرار.
يقول الطبيب النفسي والمؤلف (ديفيد هاوكنز) في كتابه “دع الأمر يمضي” المنشور في عام 2020م: عندما تود أن تدع الأمر يمضي – بلا تدخل منك – تجاهل الضغوطات وركز على شعور “التّرك” ذاته!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى