المقالات

القوي الأمين

لقد ألهم الله -جل وعلا- ولاة أمرنا -حفظهم الله- وجزاهم خير الجزاء وأحسن إليهم في الدنيا والآخرة؛ ألهمهم اختيار معالي الشيخ الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ -يحفظه الله-؛ لمهمة تاريخية عظيمة، مهمة ليست سهلةً في عصرٍ من عصور الإسلام المجيدة؛ ومرحلة من مراحله التاريخية؛ وعهد من عهوده الزاهرة؛ عهدِ دولة الإسلام المملكة العربية السعودية؛ إن القادة العظماء قادة الإسلام الكبار؛ لا يختارون للمهام الجسار إلا من كان ذا قوةٍ وحنكةٍ واقتدار؛ إلا من كان أهلًا لهذه المهمة الجليلة الكبيرة؛ اختاروه أيدهم الله ليكون سيفًا من سيوف دولة الإسلام؛ دولة العزم والحزم في عهد الإمامين ناصري السنة والدين؛ الإمام الملك الصالح العادل سلمان بن عبد العزيز -يحفظه الله-؛ وسمو ولي عهده الأمين الإمام الصالح العادل الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، أطال الله بقاءهم وحفظهم لنا، وأمدهم بعونه ونصره .
تم اختيار هذا الشيخ الجليل المبارك للمساهمة مع قيادته في إعلاء كلمة التوحيد؛ وحماية جنابه؛ ونصرة دينه والدفاع عنه، ودحض أهل الشرك؛ ومحاربة أهل البدع والفساد والخرافات؛ والخوارج والمعتدين؛ والوقوف ضد أعداء الإسلام؛ والمندسين فيه؛ وملبسي الحق بالباطل؛ والمشككين في دولة الإسلام وفي قادتها من المرجفين والحاقدين والمارقين. اختاره الله؛ لأنه قوي أمين للإشراف على شؤون الإسلام وخدمته والدعوة إليه والتوعية؛ وتوجيه الناس وتعليمهم وإرشادهم لما فيه صلاح دينهم ودنياهم، والإشراف على طباعة كتابه العزيز؛ وتوزيعه ونشره في العالم كهدايا ومنح مجانية للمسلمين؛ وفق توجيهات القيادة الكريمة.
لقد كانت مرحلة صعبة جدًّا مرَّ بها معالي الشيخ الوزير، وحقبة من الزمن ليست سهلة؛ فأوذي في الله أذى كبيرًا فصبر واحتسب؛ لأن هذا الوزير النبيل يعلم أن الصبر على أذى الخلق من عزائم الأمور وعلامات الإيمان، (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (سورة الشورى الآية 43) يعلم معاليه أنه -إن صبرَ- فاللهُ ناصرُه (وَاللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (سورة الأنفال الآية 66).
يعلم أن في الصبر خيرًا كثيرًا (وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ) (سورة النحل الآية 126) ومهما كانت النفس البشرية قوية سامية؛ إلا أنها تتأثر وتتضايق من أذى الناس؛ وجرحهم وكلامهم السلبي؛ فكان صابرًا محتسبًا مقتديًا (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ(98))(سورة الحجر الآيتان 97، 98) وأن العاقبة للمتقين (فَاصْبِرْ ۖ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) (سورة هود الآية 49) .. فرأى ببصيرته نهايات الأمور قبل بداياتها فنال خيرها؛ ونجا من شرها، والحمد لله.
لقد كان الدكتور الوزير متأملًا ومنفذًا لوصية جده شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في مقدمة رسالته الموسومة بالأصول الثلاثة التي نبه فيها بقوله: “اعلم رحمك الله أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل :
الأول: العلم، وهو معرفة الله، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة. الثانية: العمل به. الثالثة: الدعوة إليه. الرابعة: الصبر على الأذى فيه .
ونشهد الله تعالى أن هذا الإمام الشيخ الوزير قد علم وعمل بما علم؛ وحث على العلم والعمل به؛ وصبر على الأذى فيه صبر عظيم؛ وكان على ما كان عليه جده -رحمه الله- محاربًا لأهل الزيغ والضلال؛ قائلًا بالحق؛ ناشرًا لمنهج السلف الصالح؛ منهج أهل السنة والجماعة؛ ولاقى من الأذى مثلما لقي سلفه، ونَشهد بأنه دعا إلى الله على بصيرة وحكمة وصدق؛ وصَدَق ما عاهد الله عليه؛ وعاهد عليه ولاة الأمر؛ وتعاهد عليه الأئمة الأجداد؛ فبرَّ بقسمه الذي أداه أمامهم؛ وأكرمه الله بأن تكون وزارته هي وزارة شؤون الإسلام وزارة العلم، والعمل به والدعوة إليه.
لقد كانت معركة شرسة من الداخل والخارج؛ وجه فيها الأعداء سهامًا كثيرة على القيادة الحكيمة، وعلى بلاد التوحيد وعلى رجال الأمن وعلى المخلصين؛ ومنها سهام وجهت لهذا الشيخ الجليل. لقد لاقى فيها الوزير من كيد الكائدين الفجار؛ وحقد الفاسقين المارقين الأشرار؛ أعداء الملة والدين من جماعات الإخوان والخوارج والتبليغ والشرورية؛ نعم (الشرورية بالشين) أتباع محمد شرور. فتصدى لهم بحزم وعزم وعزة وقوة وصبر وحكمة؛ فدكّ معاقلهم، وكشف أسرارهم، وهدم مخططاتهم؛ وجفف منابعهم، وفضح حالهم؛ وتابعهم في كل مكان؛ حتى أخزى الله الحاقدين؛ ودمر المفسدين؛ ورد الكائدين؛ وأهلك الحاسدين؛ وحمى الله الدين؛ بهذه الدولة الكريمة وقيادتها ورجالها المخلصين. لازال أطال الله بقاءه عند ثقة ولاة الأمر فيه؛ يعمل وفق توجيهاتهم ورؤيتهم وتطلعاتهم، مخلصًا لدينه ثم لقيادته ووطنه؛ صادقًا مع نفسه ومع الناس؛ شاهدين على ما بذل وقدّم؛ فجزاه الله خير الجزاء، وأحسن إليه وكتب أجره وجعل ما قدمه لدينه وقيادته ووطنه ومجتمعه في موازين حسناته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى