يُقال: إن الصديق الحقيقي هو من يُذكرك بالله تعالى، ويُساعدك في كسب رضا الله.
ولفرط سعادتي أنني قد حظيتُ بصديقةٍ صدوقة من عائلات مدينة النجف، كانت قد وجهت لي دعوى رمضانية لزيارة المدينة.
وبطبعي أنا أحب السفر وأكره الرحيل، ولبُعد المسافة بيننا استـثـقلت الزيارة، وطبعًا ليس هذا السبب الرئيسي، ولكنني أرى فيها مدينة الأموات، لا أعرف كيف ومتى تكوّنت عندي هذه الفكرة .
لبيت دعوة صديقتي النجفية، وحضرت (مولد الماجينة)، وعدتُ بذاكرتي إلى أكثر من ثلاثين عامًا مضت؛ حيث أشهر لعبة بغدادية كانت ضمن طقوس شهر رمضان، وغادرتنا مثلما غادرتنا البركة.
ولكن العوائل النجفية لا زالت تُحافظ على الكثير من الموروثات والتقاليد العراقية التي تخلينا عنها بسهولة، واستبدلناها بتكنولوجيا ميتة لا تُعيد لنا الروح العراقية الأصيلة.
قبل أيام قليلة لملمت أغراضي وقلبي المبتهج؛ لزيارة هذه العائلة النجفية والمباركة لهم بعودتهم من الديار المقدسة، وإتمام مراسم الحج.
وحضرت حفلًا نسويًّا بهيًّا، شهد مشاركة نسوية نجفية تنبع من وفاء حقيقي مع وجود (الملاية)، والتي رغم كبر سنها وضياع صوتها لكنها أبهجتنا بترديد..
أهلًا بالحجي جايب ريحة مكة وياه
أهزوجة أنا أعرفها وأسمعها ولكن لماذا لم نعد نرددها؟
مجتمع النجف ليس مغلقًا كما كنا نعتقد، بل على العكس هو مجتمع جاد يرفه عن نفسه أحيانًا، ويعيش لحظاته ببركة كباره.
رحلتي لم تنتهِ رغم عودتي؛ لأنها أوقدت في داخلي حنينًا إلى بيوتاتنا القديمة وعاداتنا البغدادية التي سقطت مع الشدائد، باتت تُمثل لي زيارة النجف مفتاح حياة جميلة بدءًا من الطريق إليها؛ حيث البساتين المحملة بالترحيب؛ وصولًا إلى مدينة سيدنا علي وأهله؛ حيث البهجة لا تُفارق محياهم، ومع كل زيارة أعود محملةً بطاقة إيجابية ومعنويات عالية أجهل سرها.