استكمالًا للمقال السابق عن نمطي السلوك الممارس لأصحاب مراقبة الذات العُليا والمنخفضة حسب نظرية “مارك سنايدر” العالم الأمريكي المشهور صاحب النظرية، وللإجابة على هذين السؤالين المطروحين في آخر المقال، أود أن أشير إلى أن صاحب النظرية يُمكن تصنيفه إلى أصحاب النظرية السلوكية الجديدة التي أسس لها العالم الأمريكي “سكينر”، والتي في مجملها تُركز في تنصيف السلوك البشري على أنها نتاج عوامل خارجية، تلعب البيئة الدور الأكبر في تحديدها، وبالتالي فإنها تنكر أو تتجاهل دور العوامل الوراثية أو الداخلية في تحديد سلوك الإنسان؛ وبناءً عليه فإن محددات وتشكل شخصية الإنسان وتعزي تصرفاته لعوامل البيئة المحيطة به بالدرجة الأولى؛ وعليه فإن تغيير واختيار السلوك ونمط الشخصية للفرد يمكن أن يحدث من خلال عوامل البيئة المشكلة للفرد، والتي يعيش فيها هذه الإجابة بالتبسيط للقارئ، أما الإجابة على مصداقية التعميم من أنماط هذه الشخصية فلأمر أعقد وأطول مما يمكن التفكير فيه لأنه يقـتضي الخوض في عوامل تشكيل الشخصية البشرية التكاملية التي أشار إليها عالم النفس المصري المشهور. حين أنشأ جماعة علم النفس التكاملي، والتي تؤمن وتنظر إلى الشخصية الإنسانية والنمط السلوكي على أنها نتاج عوامل متداخلة ومتكاملة لا يمكن عزوها لسبب أو عامل واحد، وأختتم هنا بما يجب أن نعترف به وما رسمه لنا ديننا الحنيف من توجيه لفهم الشخصية الإنسانية، والتي تتفاعل فيها الأقدار الإلهية مع الإرادة الاختيارية للإنسان، وتحديد مصيره وفقًا لإرادة الله -عز وجل- وإرادة الإنسان؛ فمثلًا ورد في القرآن الكريم أن الإنسان مسؤول ومحاسب عن نفسه وتصرفاته في ضوء ما منحه الله من إرادة وعقل وتوجيه قال تعالى: (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) (سورة مريم آية ٩٥) ثم هناك النفس المطمئنة والنفس اللوامة، والنفس الأمارة بالسوء، وهذه أطر لنمط الشخصية المتوازنة المعتدلة كما شخصها القرآن الكريم.. وبالله التوفيق.
0