المقالات

منصات التواصل ثرثرة لإثبات الحضور!!

من وجهة نظري أن الثرثرة ليست بالضرورة شفهية بل أحيانًا تكون مكتوبةً أو حتى حركية، وفي جميع الحالات يترتب عليها إشغال للآخرين في انتظار الخلاصة التي قد لا تكون موجودة، وإنما هي ثرثرة لإثبات الحضور، ومزاحمة الآخرين .

ثرثرة تبدأ من النسخ واللصق، ونشر الإشاعات المغرضة والمعلومات المغلوطة من مصادر مشبوهة ثم يتسابق الثرثارون على نشرها وتأصيلها، وإقناع الآخرين بها في أحاديث مطولة لا تمت للواقع بصلة .

وتتسابق منصات التواصل الاجتماعي في التشجيع على الثرثرة، ومنح المكافآت المالية لها كما تتسابق إلى تحديث برامجها، وإضافة كل ما من شأنه زيادة عدد المستفيدين منها بما يتوافق مع متطلبات الاستمرار، والحصول على أعلى معدلات الاشتراك، وكسب رضا الجمهور .

وقد عمدت منصة “إكس”، وهي من أقوى منصات التواصل الاجتماعي على مستوى العالم إلى إضافة خاصية مساحات الحوار الصوتي، وتبادل الآراء، ومناقشة القضايا، وتلك ميزة مميزة أسعدت الكثير من هواة التحدث أو الاستماع أو حتى الثرثرة لسهولة الحصول عليها أو الانضمام لها .

وقد سعدت كغيري بالمشاركة في هذه المساحات التي تهدف إلى مناقشة قضايا وطنية أو اجتماعية أو ثـقافية يستفيد منها المتلقي، وربما تُساهم في تنمية قدرة المتحدث على الحوارات، وإلقاء المحاضرات وانتقاء الكلمات كما أنها تُساهم في تغذية فِكْر المستمع وتوسيع مداركه، وهذه الفائدة يطمح لها أغلب المشاركين.

إلا أننا اُبتلينا كغيرنا بالثرثارين الذين لا هم لهم سوى الاستحواذ على المايك، وإلقاء المحاضرات، والحديث في جميع الاتجاهات؛ وكأنه علم زمانه الذي لا يشق له غبار !

ومن هنا فإن بعض المساحات التويترية مُمِلّة، وتتسم بالخواء المعرفي، وتغلب عليها الشللية المقيتة والأفكار المنحرفة؛ ولذلك يتعمد المشرفون عليها إلى تكميم الأفواه واستبعاد بعض المشاركين المتخصصين؛ خوفًا على مكانتهم أمام المتحدثين والمستمعين .

كما أن البعض يجلب لمساحته من يروج لأفكار ضالة ومبادئ هدامة أو ذات الطابع العنصري، والتوجه الطائفي الذي يؤجج الصراعات بين أفراد المجتمع، ويمزق اللحمة الوطنية.

العقلاء من هواة هذه المساحات هم من يقرأون العناوين جيدًا، ويستعرضون المشاركين بها قبل الولوج إليها أو التحدث فيها، وغالبًا ما يكون الاستماع أفضل من المداخلات المكررة أو الإضافات غير المفيدة .

ما يحدث في منصة “إكس” من الثرثرة يتكرر في منصات أخرى من منصات التواصل الاجتماعي بطرق مختلفة، تهدف في مجملها إلى حب الظهور وإثبات الوجود، وجلب أكبر عدد من المتابعين دون محتوى مفيد أو رأيٍ سديد.

ختامًا.. تذكَّر وأنت تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي أن إماتة الباطل تكون بالسكوت عنه لا بالمجادلة فيه، وهذا يعني أن الابتعاد عن المواضيع المشبوهة أفضل من المشاركة بها، وتعود فائدته على الجميع، وخير الكلام ما قلّ ودلّ، ودمتم سالمين.

كاتب رأي ومستشار أمني

عبدالله سالم المالكي

كاتب رأي - مستشار أمني

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لافُضَ فوك سعادة اللواء عبدالله اعتقد ان ثقافة الاختصار هي من ستحاول القضاء على نفس كلامك الذي تتحدث عنه
    شكرا لك ابا رائد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى