قبل أربع سنوات كتبتُ مقالًا بعنوان: “فالك السمن والسمين يا تركي بن طلال” عندما اعتمد سمو الأمير تركي للأستاذ/ سعد الأحمري فعالية السمن والسمين بمركز الأثب في سهول بلّحمر، وكنت على يقين أن المجتمعات تنمو، وعندما تنمو تزداد مسؤولياتها وتنجح في الحفاظ على مكانتها، وما تحقق في فعالية “السمن والسمين” إلا خير دليلٍ على هذا النمو والازدهار لمجتمعنا السعودي، وهي فعالية انطلقت من خصلة من خصال الإسلام، وعادة من عادات الآباء والأجداد تعزيزًا لقيمة الكرم وتأصيلًا لمبدأ الضيافة العربية الأصيلة، وكانت البداية فكرة يدفعها حلم أن يسجل مركز الأثب فعالية سنوية تخدم المجتمع المحلي، وتعزز موروثًا يجب أن يحافظ عليه الأبناء، ونعلم أنه لم يقم مجتمع إنساني ناجح على وجه الأرض إلا من خلال اتحاد أفراده، والعمل بروح الفريق الجماعي الجاد، إيمانًا منهم بأن وحدتهم تحقق الأمن والأمان والتطور والرقي على كل المستويات، ووحِدة الإنسان مع أخيه الإنسان أقوى معزز للألفة والانسجام بين الأفراد وسر النجاح للاستقرار، وتحقيق أهداف التنمية التي تعود على الجميع بالفائدة.
وبالفعل هذا ما تحقق؛ حيث أصبحت الأثب تُدير بوصلة الاهتمام بالمنتجات المحلية والفعاليات المتخصصة نحو المفهوم السياحي الحديث، وتظل مبادرة في دعوة الناس إليها وحاضرة دائمًا بعرض منتجاتها، وأصبحت بيت خبرة في التسويق لقدرات أبنائها وشغفهم بالحرف والصناعات التقليدية والمنتجات الزراعية ومنتجات الثروة الحيوانية، وبأسلوب جاذب للسياح والزوار من كل مكان للاطلاع على خيرات الأرض وجهود الجميع في التنمية .
ومن خلال الجهود المبذولة على مدى سنوات مضت في مهرجان السمن والسمين بجهود الإنسان وما حواه المكان من تنوع اقتصادي وثقافي واجتماعي إلى جانب تناقل الأجيال موروث الأجداد وأصالتهم وعاداتهم، وظهرت الخبرة التراكمية ووقف المسؤول الأول بالمنطقة مع الأهالي بالدعم والمباركة، وأخذت جهودهم مساحة في الإعلام بكافة وسائله، وتحقق هدف من أهداف رؤية 2030م حول جودة الحياة للإنسان والمكان، واستعادت الأرض أهلها في عودة حميدة بما يعرف بالهجرة العكسية لحياة الأرياف والقرى والهجر، ونمو منقطع النظير للمراكز وما حولها .
وختامًا.. فإن الخبرة التراكمية ظهرت جليًّا لدى أبناء بهوان ومن جاورهم، وأصبح التنوع في الفعاليات واستمرارها واضحًا، ونتمنى أن تنتقل هذه الخبرة بين المجتمعات والمراكز المماثلة؛ ليظهر لنا فعاليات أخرى لخدمة المنتجات الوطنية المحلية، وخدمة الثقافة والأصالة والموروث الذي هو مصدر فخر وقوة نعتز بها، ومن خلالها تدوير رأس المال بين كافة القطاعات؛ لتحسين مستوى معيشة الأفراد ومجتمعاتهم.
*رئيس الجمعية السعودية للإعلام السياحي