المقالات

الجامعات وتنافسية العقول

شَاع في الآونة الأخيرة مفهوم التنافسية؛ وخصوصًا في مجال التعليم العالي، وأصبحت هذه التنافسية شاملة لجوانب متعددة منها: تنافسية الحفاظ على رأس المال الفكري المتمثل في العقول الإبداعية من كوادر الجامعة، واستقطاب العقول من خارجها؛ بهدف تقوية المركز الأكاديمي وتحقيق التقدم في الترتيبات العالمية وفقًا لمعايير الجودة والاعتماد والوصول للسمعة العالمية المطلوبة؛ خصوصًا مع الدعم الحكومي لهذه التوجهات، وبرغم ذلك لازالت الجامعات بعيدة عن تطبيق مفهوم تنافسية العقول في الواقع؛ حيث تفرط في أبرز كفاءاتها الفكرية إما بالنقل وإما بنهاية الخدمة مع البطء الشديد في عملية البحث عن العقول الفذة واستقطابها. وهذا لا يتفق مع الدور المستقبلي الذي يجب أن تؤديه تجاه المجتمع؛ حيث يمكن القول إن الجامعات بحكم كونها حاضنة الفكر الإنساني ومعقل المفكرين والباحثين والعلماء، تُمثل طموحًا مجتمعيًّا عامًا؛ حيث ينتظر منها ان تخرج عن الاطر التقليديه لوظائفها في التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع الى مجالات اوسع كالمغرفة التطبيقية و الابتكار والابداع وصناعة المستقبل ذلك ان المجتمع بكافة اطيافه ينظر الي الجامعات على انها من اهم ركائز الامداد بالكوادر البشرية في المجال الصناعي والتقني والصحي والاقتصادي حيث تلعب هذه الكوادر دورا محوريا في تقدمه وازدهاره من خلال ما تقدمه من نتاج الإبداعات والاكتشافات التي يتوصل إليها الباحثون والمخترعون، ومن الملاحظ أن جامعاتنا تفقد خيراتها وكوادرها المميزة بشكل سريع وغير متوقع بينما قد يكون ممن يتم الاستغناء عنهم لاكتمال الخدمة على سبيل المثال قد وصلوا للنضج الفكري الذي يُتيح الاستفادة المجتمعية من إنتاجهم العلمي. والنظرة العكسية نجدها تمامًا في الجامعات العالمية التي تحرص على استقطاب المبدعين والمبتكرين وأصحاب التميُّز في تخصصاتهم بغض النظر عن جنسياتهم وأعمارهم وخلاف ذلك من القيود. من جهة أخرى يعترض الباحثون بجامعاتنا قيود إدارية عجيبة لا يحتملها البحث العلمي فإجراءات إقرار الموضوعات والمقترحات البحثية طويلة ومعقدة، وربما تمر بموظفين لا علاقة لهم بالبحث العلمي ولا يمتلكون الوعي بأهميته؛ فيعطلونها وحقيقة فإن هذه الإجراءات التي تفرضها عمادات الدراسات العليا بالجامعات ليس لها وجود في معظم الجامعات المتقدمة التي تحصر العلاقة بين الباحث والمشرف الأكاديمي، وتعيين منسقًا للدراسات العُليا بكل كلية ممن يحمل درجة الأستاذية لإكمال الإجراء؛ فتقديم التسهيلات للباحثين والمخترعين والأفذاذ المبتكرين أصبح مجالًا تنافسيًّا كبيرًا تسعى إليه الجامعات المرموقة يقينًا منها بأنه يُشكل حجر الزاوية في السمعة العالمية والنفوذ الدولي والريادة العلمية.
فلذا يجب إعادة النظر في الحفاظ على العقول المبدعة؛ فقد أثبت التاريخ أن عقلًا بشريًّا واحدًا قد غيَّر وجه الحياة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. احسنت اخي أ. د عبدالله احمد سالم على مقالك الجامعات وتنافسية العقول ولدي مثال حي لتفريط الجامعات في العقول التي أعدتها وأنفقت عليها الدوله ملايين الريالات في الخارج والداخل رسائل الدكتوراه والماجستير هي أبحاث عُملت لحل مشكلات وطنيه ومساهمه حيه في حل وتطوير وتنمية جانب من حياة المجتمع وأسباب تطوره ورقيه فأين الاستفاده من تلك الأبحاث والباحثين اعتقد نظرة مدراء الجامعات لازالت محدوده في الدخل المادي والإنفاق فقط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى