المقالات

بصمة (اللسان)!!

عند الحديث عن وسائل التواصل الاجتماعي لا بد من التطرق للبدايات الأولى لها فقد ظهرت برامج البريد الإلكتروني والدردشة لأول مرة في أوائل السبعينيات، غير أن هذا التوسع الهائل الذي نشاهده الآن لم يظهر إلا بعد أن تم إنشاء شبكة مجموعة المناقشة “يوز نت” في عام 1979م.
وبالرغم من الإيجابيات التي تُقدمها كسهولة الاستخدام والترويج والتسويق للعلامات التجارية، وكذلك الحصول على معلومات حصرية بخصوص أي نشاطات مفضلة، إلا أن هناك من السلبيات كالتعليقات المسيئة، والقرصنة والتي تعتبر واحدة من أخطر سلبيات تويتر.
إن واقع شبكات التواصل الاجتماعي في عالمنا العربي اليوم وللأسف تعج بالكثير من التعليقات المسيئة والشتائم والبذاءات والافتراءات والعدوان والاتهامات بلا دليل الموجهة إلى الأنفس والأعراض.
لقد نجح البعض من الناس – عفا الله عنه- في تحويل هذه الشبكات الاجتماعية من وسائل اتصال إلى أسلحة اقتتال! ومن تلاقح فكري إلى تدافع همجي! ومن رياضٍ منعمة إلى ساحاتٍ ملغمة..
لست أدعو هنا إلى السكوتِ عن الأخطاء، ولا إلى إلغاء القوةِ التأثيرية لهذه الشبكات، ولكنني أدعو فقط إلى ترشيد استخدامها، وحفظ حقوق الهيئات والأشخاص، ومن المهم أن يدرك (المغرد) أو (المفسبك) أن مسيرة الإصلاح هدفها الحقيقي إحداث تغيير إيجابي في الواقع، وليس هدفها مجرد التنفيس عن الأحقاد، والاحتقان، وإطلاق العنان للغضب المكبوت.
وأظن أن كل عاقل يُدرك أن (الشتائم) لم تصنع قط واقعًا أفضل، وأن التواصل الإيجابي العقلاني الهادئ كثيرًا ما يصنع ذلك الواقع، سأكون صريحًا، إذا أردت أن تتعرف على شخصية معينة، فما عليك إلا مراقبة ما تخطه من تعليقات، وردود أفعال، وطرح في الفضاء الاجتماعي المفتوح، لأن ثقافة الرد بلا شك هي معيار العقل لتلك الشخصية، فمنهم من تجد نفسك “تنحني” لهم احترامًا وتقديرًا، ومنهم وللأسف من ستجد نفسك مشمئزًا من ردود أفعاله، وطرحه، وتعليقاته المسيئة..
وأختم بقول أحدهم؛ إذا كانت بصمة (الإصبع) هي التي تثبت الهوية الشخصية للواحد منا، فإن بصمة (اللسان) تثبت وتظهر الحصاد الذي يحمله الواحد منا من التربية، والقيم، والمثل، والعادات الإسلامية الحميدة..

صدق حكيم الشعراء في الجاهلية زهير بن أبي سلمى حين قال:
لِسَانُ الفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُؤَادُهُ
فَلَمْ يَبْقَ إَلا صُورَةُ اللَّحْمِ وَالدَّمِ

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى