منذ انتهاء موسم الحج هذا العام، ونحن نعيش في مناسبات فرح ليلية، نسأل الله أن يديمها وأن يبارك لفرسانها ويسعدهم ويرزقهم الذرية الصالحة، ولكنها في الوقت نفسه مرهقة للأفراد والأسر والمجتمعات لما يترتب عليها من سهر وسفر وتنقل، يشمل في معظم الأحيان كافة أفراد الأسرة .
وأصبحت الإجازة مُتْعِبَة لدى الكثير من العقلاء لكثرة المناسبات وامتداد السهر وتعدد السفر؛ فانقسموا إلى عدة فرق وجماعات لدراسة ظاهرة تكاليف الزواجات الجسدية والمادية والمعنوية، ووضع الحلول المناسبة.
ثلة منهم ترى أن في إقامة الزواج الجماعي حلًا لكثير من مشاكلهم المادية والاجتماعية، واختصارًا لكثيرٍ من الجهود وتوفيرًا لمبلغٍ لا بأس به من النقود .
وأخرى ترى أن من حق العريس أن يحتفل بمفرده؛ لتنهال عليه الأضواء، ويكثر له الدعاء !!!
ويبدو أن الموضوع لا يخلو من تلبية رغبة أم العريس وصديقتها أم العروس .
وفئة ثالثة التزمت الحياد لعدم قناعتها بغالبية الأسباب، وعدم مقدرتها على اتخاذ القرار ولسان حالها يقول: إن لكل حادث حديث، وربما مكروه اليوم يصبح مستحبًا غدًا !!
ورغم المحاولات الجادة لكثير من العقلاء لتوحيد الرأي وإزالة العقبات وتحقيق الرغبات، والتقريب بين الوجهات إلا أنه لا يزال هناك البعض ممن لا هَمّ لهم سوى الاعتراض على جميع القرارات، ونسف جميع المحاولات تماشيًا مع مبدأ (خالف تُعرف)!!!
يتحججون أحيانًا بعدم وجود المكان المناسب لاستيعاب المعازيم، وأخرى بعدم إمكانية تلبية رغبات جميع المشاركين، ويركزون على السلبيات ويتناسون الإيجابيات، وبالتالي وللأسف الشديد تفشل جميع المحاولات أمامهم لتحقيق الكثير من أمنيات شباب المستقبل وعقلاء المجتمع .
بينما الواقع الذي نعيشه يُحتِّم على المجتمع بأكمله فرض المزيد من القيود الشخصية؛ للاستفادة من الوقت والجهد والمال في ظل تلاشي كثيرًا من عوائق الماضي، وتعدد وسائل التواصل الاجتماعي التي قربت المسافات، وساهمت في حل المعضلات .
مناسبات الزواج الفردية فيها إرهاق لرب الأسرة وأبنائه وكافة أسرته من جميع النواحي المادية المعنوية والاجتماعية، ولك أن تتصور ما تحتاجه الأم من وقت وجهد ومال لتزيين نفسها وبناتها لثلاث ليالٍ متتالية، وربما تكون إحدى المناسبات في جدة والأخرى في مكة المكرمة والثالثة في الطائف على أقل تقدير .
ولك أن تتخيَّل ما يعانيه رب الأسرة من سهر وقلق وخسارة مادية لإجابة دعوات أقاربه وأصدقائه وزملائه من خلال الرحلات المكوكية التي يقوم بها لعدة أيامٍ متتالية؛ فضلًا عن ما قد يتعرض له من مخالفات مرورية؛ نتيجة تلك الرحلات الطويلة .
مناسبات الزواجات الجماعية لا تقتصر على الزواجات التي تقيمها جمعيات الزواج الخيرية، ولكنها مطلب حضاري ونهج سارت عليه بعض القبايل العريقة والمجتمعات الراقية للتسهيل على المدعوين، وهي بلا شك ليست مفيدة للعريس وأسرته بل إن فوائدها تشمل جميع شرائح المجتمع، وتساهم في حل كثير من المشكلات الأسرية والاجتماعية إذا خَلُصَت النية وخضعت للدراسات المستفيضة، وحظيت باللجان الجادة وحققت رغبات المشاركين بها دون إفراط أو تفريط .
– كاتب رأي ومستشار أمني