أما آن لمكة أن تنفض غبار التقادم عن أديمها الطاهر؟!
هل قدر لها أن تكون أرضها كشكولًا تعبث به خربشات عشوائية، شوّهت صفحة تضاريسها بخرابات متهالكة منهكة، جعلت منها عجوزًا تقادم عمرها وهي في ريعان شبابها؟!
ألا تستحق أرض القداسة، الدُّرة الثمينة، الكعبة الغراء، المنهل العذب، والمورد النقي والمهوى والمأوى، مسقط التنزيل، ومهبط التكريم، ومصعد التشريف لدعوات ترفع من الأرض إلى السماء، مرتكز الدين ومنبع التمجيد؛ الوجهة الموحدة والقبلة المبجلة، التي سطع من جنباتها نور الهداية للعالمين، وإليها يأرز الإسلام؛ عزًا وتمكينًا، منارة وتحكيمًا، شاهدًا ومشهودًا؛ حبًا وتعظيمًا- ألا تستحق (أم القرى) مكة المكرمة – حقًّا- أن تطرز بخيوط ذهبية مزركشة لثوبها اللؤلؤي البراق بنقش جميل ورسم بهي أنيق، بإطار من ألماس ثمين .. أن تلبس الثوب الجديد، أن يزال عن جسدها الطاهر عبثيات الزمن السحيق، أن تزهو بحضارة عهد زاخر بكل مدهش فاخر، يصنع منها جوهرة تتباهى بأناقة عُرس جديد!!
فمتى نرى مكة القداسة؛ محط الأنظار ووجهة الزوار، وقد حظيت بتاج الحضارة التي يزهو بها وطننا، وتتبارى بها مدننا في ظل رؤية التغيير التي صنعت معجزات عصر متجدد مبهر مذهل، مغدق بكل مفاجآت تصب في نفع الإنسان ورقيه، والوطن وتقدمه وتطوره؟!!
لقد جاء شعار الرؤية معبرًا عن توجه لحقبة جديد بمتغيرات عصرية تواكب فكرًا رقميًّا تقنيًا لا يعترف بالجمود بل يسعى للتجديد والتطوير:
(مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، وطن طموح!!)
وإن كان التطور يُسابق الزمن ليضع بصمات رؤية شاملة على كل شبر من أرض وطننا الغالي إلا أن النهضة (المكية) يجب أن تأخذ بُعدًا آخر مختلفًا ومختلقًا لتخطيط مغاير لما عهدناه؛ كي لا يكون تكرارًا أو نسخًا لما مضى؛ وذلك بخلق بيئة صحية واقتصادية تهتم بالفراغات ذات الاقتصاد الموجه أكثر منها بالكتل الخرسانية الشاهقة المتلاصقة الخانقة أو الشوارع السوداء الصامتة الضيقة المعتمة، ليكون النصيب الأكبر للممرات والأرصفة المكيفة والمسارات المتعددة والأسواق المتنوعة والمواصلات المختلفة، على أن ترصف بلا أسفلت، وأن تحظى بقسط وافر من التشجير؛ ظلًا ظليلًا وجمالًا وإصحاحًا بيئيًا؛ تقليصًا لعدد المباني والأدوار (أنسنة مدنية) ولتكون استثمارية جمالية بصورة عصرية مميزة!!
ألا تستحق سيدة المدن؛ مكة المكرمة أن تكتسي بالجديد؛ استثمارًا وتطويرًا، وأن تتجرد من كل ما يعكر صفوها أو يشوه منظرها أو يخدش صورتها الجميلة؛ لتبدو بأجمل حُلة وأبهى صورة كعروس تتبختر بزخرفها وزينها؛ مهابةً وبرًا وتعظيمًا وإجلالًا!!