المقالات

محاكم فنية على غرار المحاكم المرورية

أعتقد بأنه ليس هناك مواطن لم يتعرَّض للنصب والاحتيال من قبل عمالة غير مدربة وانتهازية تبحث عن المال فقط وليس غير المال وبأي طريقة متاحة، وهذا يجعل الكثير منا يخسر الأموال الطائلة؛ نتيجة تلك الممارسات التي لم تفلح بعض الجهود لكبحها .
تذهب بسيارتك إلى الورشة من أجل الكشف عن علتها؛ فتجد تلك العمالة يتلقفونك أمام تلك الورش في منظر ومظهر غير حضاري كل منهم يتسول قبولك بدخول ورشته ثم هنا تبدأ حكاية طويلة وحزينة ومرهقة و(فت) الفلوس والمزيد من الفلسفة في تشخيص علتها؛ فهذا يأتيك بعلة وآخر بعلة أخرى؛ فتقع في حيرة عظيمة تجعلك ترتمي في أحضانهم مرغمًا؛ فتأتي بهذه القطعة وأخرى وتذهب بسيارتك على أمل أن عطلها تم إصلاحه وما هي إلا أيام وتأتيك علل أخرى بسبب عدم الدقة في الإصلاح ومعرفة علتها والتغيير المسرف في قطع الغيار؛ فليس هناك مفهوم إصلاح سيارة دون أن تبدل وتغير القطعة تلو الأخرى وطبعًا كل شيء بثمنه.
وفي نهاية القصة تجدك مع بداية إيداع راتبك قد حجزت موعدًا مرة أخرى مع تلك الورش؛ لتستنزف ميزانيتك المستنزفة أصلًا؛ فتستسلم لمسلسل الضياع بين تلك الورش؛ لأن ليس هناك بديل عنها إلا بشراء سيارة جديدة، وهذا شيء من الأحلام المستحيلة في ضوء الأقساط والالتزامات المالية ونسبة الاستقطاع .
وفي نهاية الرحلة تجد نفسك قد دفعت ثمن سيارة جديدة أضعافًا مضاعفة بأقساط شهرية التي لم تسمح اشتراطات البنوك والتمويل أن تجعلها في سيارة حديثة.
هذه ليست رواية (ثرثرة فوق النيل) أو (اللص والكلاب) بل هي قصتي وقصة الكثير منا مع تلك الورش المقيتة.
وقس على ذلك السباكين والمبلطين والدهانين والكهربائيين؛ فكل مهنة من تلك المهن تجد جحافل من العمالة غير المدربة وذات كفاءة متدنية بل إنهم من ذوي المؤهلات المهنية والعلمية الضعيفة لكنهم تعلموا في بيتي وبيتك إلى أن فهموا سر الاحتيال والنصب من جلب أدوات تقليد على أنها أصلية وعمليات (الترهيم) أي الإصلاح المؤقت .
مئات الملايين تُهدر من جيوبنا وتستنزف اقتصاد الوطن من هؤلاء الذين أتوا ليس من أجل أن يساهموا بخبراتهم في بناء هذا الوطن بمقابل المال الذي سيحصلون عليه بل بالحصول على المال بأي طريقة، ولا يهمهم إن كان ذلك بطرق غير مشروعة .
وبعد هذا السرد الطويل أتمنى أن تكون هناك محاكم متخصصة بتلك المخالفات يُحال لها تلك المخالفات؛ لتعطي تقييمها وأحكامها في كل قضية تعرض لها، وهذا سيسهم في حفظ أموال الناس وجودة الأداء، وكذلك خلق فرص عمل للمتخصصين الذين سيتم توظيفهم للعمل في مراكز فنية تُنشأ لهذا الغرض ويتم تمويلها من الرسوم التي تؤخذ على كل قضية تعرض على تلك المحاكم الفنية المتخصصة بتلك المخالفات، وهذا سيسهم في أن غير المدربين يمتنعون عن ممارسة الغش والتلاعب على المستفيدين .
كاتب سعودي
الهيئة العامة لتنظيم الإعلام 511097

خالد بن محمد الفريجي

مستشار أسري وكاتب

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. فعلا غالبية العماله يحتاجون تكون خبير بالشغله عشان تعرف اذا تم النصب عليك او لا
    ولكن للمواطن نصيب من العتب ؛ حيث يجدر به تعلُم أساسيات الصيانه البسيطه سواء للسياره او البيت وتوابعها
    يندر تجد سعودي يتقن أساسيات الصيانه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى