قد يعتقد الكثيرون بأن عقلية القطيع لا تكون إلا فيما يُسَمَّى المجتمعات المتخلفة أما الحقيقة فهي أن عقلية القطيع سائدة في كل مكان وعلى أعلى المستويات، وليس أخطر على الحقيقة وعلى المجتمعات من قرارات تُبنى على ما تراه اللجان؛ فكل اللجان تقريبًا تسود فيها عقلية القطيع؛ لذلك فإن أفضل القرارات هي التي يتخذها فردٌ واحد يعيش الهم ويكون مطَّلعًا وحكيمًا ومخلصًا وصادقًا ومُلهَمًا.
من أوضح المشاهد على طوفان عقلية القطيع ما حصل البارحة في الكونغرس الأمريكي؛ فحين دخل نتنياهو دوَّى التصفيق وخلال خطابه كان التصفيق يَعْقب كل كلمة، ولم يكن تصفيقًا فقط وإنما كانوا يصفقون وقوفًا وكأنهم أمام فرائد من الحكمة.
ينهض شخصٌ وهو يصفق بحرارة؛ فيتبعه الكل في النهوض والتصفيق المدوي وقوفًا… نتنياهو كان يهذي ويتوعد ويؤكد بأنه سيواصل القتل والتدمير ورغم هذه العدوانية السخيفة؛ فإن الجمْع الغفير كانوا ينهضون مع كل كلمة يقولها فيشتد التصفيق لقد طال وقت الخطاب طولًا مفْرطًا بسبب التصفيق المتواصل؛ وكأن المتحدث تشرشل أو نابليون !!!!
كان المشهد ناطقًا بعقلية القطيع على أوضح ما يكون..إن ما حصل البارحة في الكونغرس يُمثل نموذجًا على عقلية القطيع، إنه صارخ بتفاهة البشر وقابليتهم للإغواء وهذا ينطبق على كل اجتماع وكل لجنة؛ فليس أخطر من الأخذ بتوصيات لجان سادت فيها عقلية القطيع، وهنا أقترح على الجميع قراءة كتاب الفيلسوف الكندي آلان دونو المترجم بعنوان: (نظام التفاهة)، وكتاب (عشرة أسباب تجعلنا مخطئين) لهانس روسلينغ ..
0