تُشكل الطفولة مرحلة حاسمة في تشكيل وعي الإنسان وإدراكه للعالم من حوله، الأعمال البصرية، بما في ذلك الأفلام والرسوم المتحركة، تلعب دورًا مهمًا في هذه المرحلة؛ حيث تفتح أبواب الخيال والإبداع أمام الأطفال فكان فيلم “تشارلي ومصنع الشوكولاتة” هو أول فيلم واقعي شاهدته، فخرجت من الإطار الكرتوني إلى عالمٍ لم يُرَ بعد فعندما يشاهد الطفل فيلمًا مثل “تشارلي ومصنع الشوكولاتة”، يتم نقله إلى عالم مليء بالمشاهد البصرية، الشوارع الحجرية، المتاجر الخشبية، والطرق العالية، الطقس وتقلباته، كل هذه العناصر تخلق في ذهن الطفل صورة مغذية عن العالم؛ فهذه التصورات ليست مجرد ترفيه، بل هي وسيلة لتعزيز التفكير الإبداعي وبناء خيال خصب.
فمن خلال مشاهدة عوالم مختلفة وشخصيات متنوعة، يتعلّم الطفل أن يتخيل ما هو ممكن وما هو مستحيل. وهذا النوع من التفكير الخيالي هو أساس الابتكار والإبداع في المستقبل. عندما يتعلم الطفل أن يتخيل عوالم جديدة، يبدأ في تطوير القدرة على التفكير خارج الصندوق، وهو ما يعتبر مهارة أساسية في حل المشكلات والتخطيط.
وحتى في جانب الرؤية من منظور فلسفي، يمكن اعتبار الأعمال البصرية كنافذة مُطِلّة على الوجود. الفيلسوف الفرنسي موريس ميرلوبونتي تحدث عن “الإدراك الحسي” وكيفية تأثيره على فهمنا للعالم، فهو الوسيلة الأساسية التي نتفاعل بها مع العالم، ومن خلال الأعمال البصرية، يصل الأطفال لطرائق جديدة لرؤية الأشياء وفهمها. هذه التجارب البصرية توسع مداركهم، وتجعلهم يدركون أن هناك أكثر من طريقة لرؤية العالم.
الألوان، الأشكال، والتصاميم التي يراها الطفل في الأعمال البصرية تساهم في بناء مخزون بصري يساعده في تكوين أفكاره وتصوراته. على سبيل المثال، عندما يرى الطفل القِلاع، والمباني، وتنوّع الشخصيات في الأفلام، يبدأ في فهم التنوع الثقافي والتاريخي للعالم من حوله.
الأعمال البصرية ليست مجرد وسائل ترفيهية للأطفال، بل هي أدوات تعليمية وفلسفية تسهم في بناء عقولهم وتوسيع آفاقهم. من خلال تحفيز الخيال وتعزيز التفكير الإبداعي، تساعد الأعمال البصرية الأطفال على رؤية العالم من زوايا مختلفة وتعلمهم أن كل شيء ممكن. تعزيز الجانب البصري للطفل ليس مجرد تحسين لتجربته البصرية، بل هو استثمار في مستقبل مليء بالإبداع والابتكار.
0