المقالات

هل تشيخ الدول؟!

صادف الرابع من يوليو الجاري اليوم العالمي للسكان، وهي مناسبة لإلقاء نظرة على حجم سكان الدول، بغرض التأكد من مقولة أن “الدول تشيخ”.
شعبة السكان التابعة للأمم المتحدة توقعت أن يتجاوز عدد سكان العالم بالفعل 10 مليارات نسمة بحلول عام 2059، ومع ذلك، بحلول نهاية القرن، سينخفض هذا العدد قليلاً، فقد سجل عدد سكان العالم تباطؤاً في النمو لعقود من الزمن.
بنظرة فاحصة على أحد الاتجاهات السكانية التي ستؤثر على العديد من البلدان عاجلاً أم آجلاً في القرن الحادي والعشرين، نجد أن الانحدار في عدد السكان هو السمة الغالبة لعدد من الدول المتقدمة في أوروبا وآسيا، وذلك نتيجة لانخفاض معدلات المواليد مع تزايد شيخوخة السكان، الأمر الذي يفرض تحديات كبيرة على البلدان المتضررة.
وفي بلدان مثل اليابان وإيطاليا، حيث بدأ تراجع عدد السكان في عامي 2011 و2015 على التوالي، انخفضت معدلات الخصوبة منذ فترة طويلة إلى ما دون مستوى الإحلال البالغ 2.1%، تحت تأثير عوامل مثل التعليم العالي وفرص العمل للنساء، وتحولات في المعايير المجتمعية فيما يتصل بالأسرة والإنجاب، والشيخوخة السكانية بشكل عام.
تواجه البلدان التي تشهد انخفاضاً في سكانها عدداً من التحديات، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية، فمن الناحية الاقتصادية، قد يؤدي تقلص القوى العاملة إلى نقص العمالة، وانخفاض الإنتاجية، وزيادة الضغوط على أنظمة الرعاية الاجتماعية. ومع قلة عدد الأفراد في سن العمل لدعم عدد متزايد من كبار السن، يشتد العبء المالي على أنظمة التقاعد وخدمات الرعاية الصحية.
من الناحية الاجتماعية، قد يؤدي تناقص عدد السكان إلى تقليص سكان المناطق الريفية، وبالتالي تقلص المجتمعات، والتحديات المترتبة على ذلك في الحفاظ على البنية الأساسية والخدمات العامة.
وتتطلب معالجة هذه القضايا إنفاذ استراتيجيات شاملة. إن رفع سن التقاعد أو زيادة الضرائب/المساهمات الاجتماعية من شأنه أن يساعد في تخفيف الأعباء المالية المرتبطة باختلال التوازن الديموغرافي. كما أن السياسات الرامية إلى دعم التوازن بين العمل والحياة وتوفير رعاية الأطفال بأسعار معقولة من شأنها أن تساعد في إبطاء انحدار عدد السكان، كما أن هجرة العمال الشباب المهرة من شأنها أن تساعد في معالجة نقص العمالة وزيادة الإنتاجية.
وبحسب المراجعة الأخيرة لتوقعات الأمم المتحدة بشأن سكان العالم، فإن العديد من البلدان سوف تواجه هذه التحديات خلال هذا القرن إن لم تكن قد واجهتها بالفعل، مثل اليابان وإيطاليا والصين وألمانيا، التي من المتوقع أن تشهد أول انخفاض في عدد سكانها في عام 2023.
ومن المتوقع أن يبدأ عدد سكان فرنسا في الانخفاض في عام 2043، والبرازيل في عام 2048، وحتى عدد سكان الهند الهائل من المتوقع أن يبدأ في الانكماش في عام 2065. لكن تدخل ضمن الاستثناءات الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، حيث لا يتوقع حالياً أن تشهد أي أول انخفاض في تعداد سكانها في القرن الحادي والعشرين.
من الناحية الجغرافية، تنمو العديد من الدول الأفريقية بسرعة، مما يؤدي إلى تحول قاري في تعداد السكان العالمي، والذي من المتوقع أن يجعل دولاً مثل نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وتنزانيا من بين أكثر الدول اكتظاظاً بالسكان في العالم بحلول عام 2100.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى