منتدى القصة

ارتباك

ظل واقفا على طرف الرصيف يحدق في أنوار السيارات الخلفية وهي تخبو شيئا فشيئا حتى تلاشت نهائيا، شعر بالغضب لإخفاقه في معرفة هوية السيارة التي تعمدت دهس المرأة المسنة.. شيء لا يصدق! هل يعتقد بهروبه أنه سينجو من العقوبة الإلهية؟ هكذا قال في نفسه.
تجمهر الناس حول الجسد الممدد على الأرض. حضَرتْ في وقت مبكر سيارة الإسعاف، خرج منها شاب سمين، حملها مع السائق على النقالة، أخذت تئن وهي تتأرجح بين أيديهما، كادت أن تسقط، بلا تفكير قفز بخفة إلى داخل سيارة الإسعاف وصرخ؛ انتبهوا، أرفقوا بها.. أيها الشاب، لو سمحت؛ ادفعها قليلا.. أحسنت.. هيا أدخل، أقفل الباب خلفك.
لم يشأ تركها وحيدة، أراد أن يشعرها بالأمان، التصق بها، يوجد بعض الكدمات والخدوش في أنحاء متفرقة من جسمها، كان قفصها الصدري يعلو ويهبط ببطء، حاول تحفيز تنفسها ليعود لطبيعته،أغلق أنفها وأخذ يدفع الهواء عن طريق الفم إلى رئتيها.. انتبه المسعف المرافق إلى وجوده، وضع نظارته السميكة جانبا، وصاح؛ توقف،دفعه للوراء ثم سأله موبخا؛
من أنت، وما الذي تفعله؟
إنها أمي، قال له.
ألقوه بجانب الطريق وتابعوا سيرهم.. لحق بهم مشيا حيث مبنى مستشفى المدينة الكبير، وصل متأخرا يلهث، انتظر بعيدا حتى فرغ طبيب الطواريء من كتابة تقريره، التفتْ الطبيب ناحية الضابط المناوب وقال؛ تعرضت المصابة لحالة اختناق تسبب في نقص شديد في الأكسجين أدى إلى وفاتها.
أصابته قشعريرة، تقدم في صمت نحو الجثمان المسجى، اقترب منه، تحسس ملاءة السرير، لم تكن هناك، حدق في الأنحاء، لا يوجد أحد، كل شيء اختفى، دون أن يدرك السبب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى