المقالات

قعود وثلاثة خرفان

في الوقت الذي اهتزت فيه اقـتصاديات العالم، وارتفعت فيه الأسعار بشكل غير مسبوق، بأسباب الحروب والاضطرابات والأوبئة والتوترات العالمية، مازلنا نلاحظ في مجتمعنا السعودي مشاهد يندى لها الجبين، ومع شديد الأسف بعض الناس يعتبر تلك المشاهد دليلًا على الكرم والبذل والسخاء ..
أقول هذا بعد أن شاهدت وغيري خلال الأسبوع المنصرم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، شاهدنا سفرة طعام ضخمة لأحد أفراد المجتمع، هذه السفرة الباذخة والموغلة في الترف والتبذير والإسراف، احتوت على عشرات الصحون من الحجم الكبير، وفوق كل صحن (قعود) و(خروفان)، وبعضها احتوى على (ثلاثة خرفان) في مظهر مؤسف يؤكد حجم المبالغة و(الهياط) الذي ينخر في عقول وأدمغة بعض أطياف المجتمع السعودي، والكارثة أن تلك المناسبة صاحبها متحدث من مشاهير الفلس، يصور المشهد بأنه مشهد كرم وبذل وسخاء، ويصف الضيف بأنه ذلك الرجل العظيم الذي يستحق أكثر مما حصل، ويسترسل في المدح والثناء على الضيف والمضيفين، ثم يعرج على قبيلتهم مستعرضًا أمجادها وإنجازاتها وشجاعتها وكرمها؛ وكأننا أمام خطاب جاهلي لإحدى قبائل الغزو أيام الجاهلية ..
يا قوم، اعقلوا ودعوكم من كفر النعمة بهذا المشهد الذي لا يسر العاقلين، فالضيف المحترم والواثق من نفسه وقيمته لدى قبيلته، لا ينظر إلى هكذا مشاهد إلا بنظرة الاحتقار والسخرية والازدراء، بعكس ذلك الشخص الذي يعتبر قيمته وتقديره بعدد (القعدان والخرفان) التي تُذبح من أجله ..
بعد مشاهدتي لذلك المقطع المؤسف، تواصلت مع أحد شيوخ القبائل الذي يُمثل قمة الوعي والقدوة الحسنة لقبيلته، فسألته:- هل أنت (مع) أو (ضد) تلك المشاهد في الضيافة، فأكد لي (أنه ضدها تمامًا، وأردف قائلًا: بأنه هو ومجموعة أخرى من شيوخ القبائل، بصدد الاجتماع وإصدار وثيقة توعوية لأفراد قبائلهم، تبين فضل النعم وضرورة احترامها وتقديرها، وتحد من المبالغة في تقديم (المفطحات) على السفر الكبيرة مهما كانت الأسباب، فالضيافة المحمودة هي تلك التي تكرم الضيوف بالكمية المطلوبة والمناسبة، دون إسراف أو تبذير) فشكرت له فكرته، وأيدته عليها، ودعوت له وللشيوخ الواعين أمثاله بالبركة في الصحة والمال.

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. المفروض الدوله ايدها كما ضبطت كثير من الامور تجعل ضابطا لهذة العادات البايده وتحد منها وتحمل من يقوم بها غرامات تخدم المجتمع وتعين المحتااجين يدفعها غصبا عنه ويشهر بذالك حتي يكون عبرة لغيرة

  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اسعد الله مساءك بالخير والعافية
    اخي ابو وليد
    كلام عين الصواب عن البذخ في الولائم نسأل الله أن تكون هناك إذن صاغيه تعي هذا الكلام والأخذ على أيديهم ونصحهم عن مثل هذه الأفعال التي لا ترضي الله ولا رسوله عليه افضل الصلاة والسلام

  3. جزاك الله خير يا دكتور جرمان
    نسأل الله ان لايوخذنابمافعلة السفهاء منا
    هذا الإسراف لايرضي اي إنسان عاقل ويغض ربنا سبحانه
    الله يديم علينا وعليكم النعم

  4. بارك الله فيك ابا الوليد وهذه والله انها ظاهرة مرضية ابتلي بها المجتمع من ضعاف العقول الذين لايرون القيمة والمكانة الا في الصحون وملحقاتها ونتمنى ان يحصل ماقلت من بعض المشايخ
    ونحن بدورنا نؤيد ونؤكد على اهمية ذلك في استمرار النعم بل وشكرها ونسأل الله تعالى ان يوفق الجميع ويمن على من يرون الكرم هكذا يمن عليهم بالرجوع الى الجادة والصواب …

  5. اقول لكل من يفعل تلك الأفعال ويتفاخر بهذا الاسراف
    اتق الله في نفسك وفي عيالك فلو جاك محتاج وطلب منك مساعدة
    فلن تعطيه شيئا
    المطلوب من الجهات الرسميه في الدولة ان تعاقب من يفعل تلك الموائد ان يدفع مثل تلك النفقات للدولة ويكون ذلك اجباري
    حتى يعود المسوفون إلى رشدهم ودمتم بخير
    مع تحيات عوض بن حمزة الشهري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى