إن التعليم يحمي الأمم من مائة جيش من المرابطين، والكلام للأستاذ في جامعة (هارفرد) البروفيسور “إدوارد إيفرت”، والذي أصبح رئيسًا لها.
تكلمت غير مرة عن الدور الهام الذي تطلع به الجامعات الخاصة (الأهلية) في مجال البحث العلمي وجودة المخرجات، ولذلك أصبحت تحتل المراتب الأولى في تصنيف أفضل الجامعات في العالم.
بلا شك فإنه من الضروري أن تكون الجامعات الخاصة في بلدنا الحبيبة أسوةً بشقيقاتها الحكومية تحت مظلة شؤون الجامعات، ونظام الحوكمة، ولكن مع شيء من الدعم من رجال المال والأعمال، والمرونة، والاستقلالية في اتخاذ القرار.
إن الموافقة على إسناد رئاسة الجامعات الخاصة إلى شخصيات غير سعودية خطوة جيدة، بشرط تمتع هذه الشخصيات بسجل ناصع في مجال البحث العلمي، والعمل الأكاديمي؛ فالكثير من رؤساء الجامعات العريقة في دول العالم المتقدم ليسوا من أبنائها.
وبالنظر للكثير من الجامعات العالمية الخاصة نجد أنها تتمتع بتراث تعليمي عريق وسمعة أكاديمية متميزة، وبمخرجات علمية ساهمت بعلمها في ارتقاء البشرية، من هذه الجامعات: “هارفرد”، و”ييل”، و”أكسفورد”، و”ديوك”، و”ستانفورد”، و”جون هوبكنز” و”كامبريدج”، و”الكلية الجامعية بلندن”، و”ماك ماستر” الكندية، و”شان دونغ” الصينية، و”الوطنية الأسترالية” وغيرها.
كل هذه الجامعات تموَّل ذاتيًا من ريع أوقافها، والهبات، والتبرعات، التي تقدم لها من رجال المال، والأعمال؛ إضافة إلى دخل المشاريع الاستشارية، وبيوت الخبرة، والرسوم الدراسية، وبيع منتجاتها البحثية.
إن الكثير من الناس لا تعلم أن الإحصاءات اليومية لإصابات وباء كورونا الذي ضرب الكرة الأرضية منذ فترة، كانت تصدرها مختبرات جامعة “جونز هوبكنز” الأمريكية الخاصة.
وكما يُقال؛ إذا كان تأسيس جامعة “هارفرد” الأمريكية في عام 1636م، يمثل بداية حقبة في العالم الجديد، فإن تأسيس جامعة “جونز هوبكنز” الخاصة في عام 1876م، يُعتبر بداية حقبة أهم؛ إنها بداية انطلاق أمريكا كدولة عظمى.
لقد بدأت جامعة “جون هوبكنز” بموجب تبرع خيري من رجل الأعمال “جونز هوبكنز”، قدره سبعة ملايين دولار، ومن المفارقات المثيرة أن رجل الأعمال الأمريكي المعاصر “مايكل بلومبيرج” قد تبرع في عام 2018م، لجامعة “جونز هوبكنز” التي تخرج فيها، وكان تبرعه الذي قارب من ملياري دولار هو أكبر تبرع في تاريخ التعليم العالي الأمريكي منذ نشأته حتى الآن.
لقد كان هناك دومًا خطان متوازيان هما رجال الأعمال وقادة الجامعات؛ فقد كان “جونز روكفلر” في تجارة النفط، فكانت جامعة “روكفلر” في مدينة نيويورك، التي تهتم بالأبحاث الطبية، وكان “واشنطن ديوك” في تجارة التبغ، وكانت جامعة “ديوك” في مدينة دورهام في ولاية كارولاينا الشمالية.
لم يكن هدف رجال الأعمال هو الربح، ولم يكن هدف قادة الجامعات الخاصة هو تخريج طلاب متعلمين، ومن هنا جاء هذا التحالف الرائع بين نموذجين من الوعي أدى إلى تأسيس القوة الأمريكية المعاصرة.
ولبيان أهمية الجامعات الخاصة؛ نقل عن المفكر الأمريكي الشهير أستاذ علم الاجتماع في جامعة شيكاغو “إدوارد شيلز”، أنه قال: (إن تأسيس جامعة جونز هوبكنز هو الحدث الحاسم في تاريخ نصف الكرة الغربي).
0