المقالات

الوقاية من الجريمة: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية تجربة رائدة

أصبح من المعروف والمُسلم به أن الجريمة مرتبطة بوجود الإنسان على الأرض منذ أن خلق الله الإنسان، وهي مرتبطة بقيم الخير والشر والطبيعة الإنسانية التي خلقها الله في الإنسان، وهي سنة من سنن الله –عز وجل- لبقاء الإنسان في الأرض لتعميرها أو للإفساد فيها للاختبار والابتلاء للإنسان؛ فلولا دفع الله الناس بعضهم البعض لفسدت الأرض.
(وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) (سورة البقرة الآية ٢٥١)، ولقد تحدث النص القرآني بصريح العبارة عن أول جريمة قتل في تاريخ البشرية؛ حيث قام قابيل ابن سيدنا آدم -عليه السلام- بقتل أخيه هابيل، وقد جاءت الآيات مبينة ذلك في سورة المائدة (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (الآية 27)، وهكذا فإن الجريمة موجودة بوجود الإنسان على هذه الأرض منذ الأزل؛ فطالما نشأت الصراعات واختلفت القيم وتنازعت وتصارعت قيم الخير والشر، وطغى أحدهما على الآخر طالما نشأت الجريمة والعدوان.
وقد سنّ الله وشرّع النظام الإلهي في القتل والسرقة وغيرها من الجرائم التي لا إصلاح فيها وحتى التشريعات المدنية، جاءت على مر الأزمنة تؤيد تلك التشريعات الإلهية أو تختلف في بعض التفاصيل.
وكلما طغت القيم الخيرة والأخلاق الفاضلة على البشر كلما قلّت أسباب ومبررات الجريمة بين الناس الذين تسود بينهم المعتقدات السليمة والضمائر الواعية والحية التي تقود اتجاهاتهم وسلوكياتهم، وتردع ارتكابهم للعدوان والجريمة.
ولذلك فإن القاعدة لصلاح البشر وصحوة ضمائرهم مرتبطة بمستوى القيم والأخلاق التي يتربون ويعيشون عليها، وفي وسطها ومن هنا أصبحت التوعية بمخاطر وآثار الجريمة والعدوان على الأفراد والمجتمعات من أولويات الدول وأنظمتها حتى تستطيع أن توفر الأمن والأمان الذين هما أساس الاستقرار والتطور والحياة السعيدة للبشر.
وهكذا نجد المؤسسات والمعاهد والجامعات تولي موضوع التوعية والتثقيف للناس من آثار الجريمة من وظائفها الرئيسية، ومن الصعب في هذا المقال حصر أمثلة على ما تقوم به الجامعات والمعاهد في هذا الخصوص، ولكن وبحكم التجربة والمعايشة لفترة كافية من الزمن أحسب أن جامعة نايف العربية رائدة في مجال إنشاء البرامج المتخصصة في الوقاية من الجريمة بل وهناك العديد من الأبحاث والمؤلفات والرسائل العلمية المتخصصة في هذا المجال بل وقامت وتقوم الجامعة بالعديد من الدورات وحلقات النقاش والندوات والمؤتمرات الداخلية والخارجية في هذا الصدد واليوم، وتأكيدًا على هذه الزيادة؛ فقد صدر عن الجامعة ثلاث ترجمات هامة وإضافة ومرجعية في مجال الوقاية من الجريمة.. الأول هو الوقاية من الجريمة: المناهج والممارسات والتقييمات لمؤلفه ستيفن لأب وترجمه عمر شيخ الشباب والثاني مجلدان بعنوان: المرجع في الوقاية من الجريمة وأمن المجتمع تحرير إيدن بثوم ونيك تيلي، وترجمة عبد الحميد عليوة.
وهذه المؤلفات وغيرها وما تضمنته من أساليب ومناهج تقييمات ونظريات ودروس، وإمكانيات الاستفادة منها، ومن غيرها تدريسًا وبحثًا وتدريبًا وغيرها في برامج وأقسام الدراسات العليا، وما شابهها لها دور هام في التوعية والتثقيف المجتمعي على المستوى المحلي والعربي، وحتى العلمي في الوقاية من الجريمة، كفانا الله سرها ومتعنا بمزيد من الأمن والأمان في مجتمعنا السعودي والعربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى