المقالات

جامعة (القاهرة).. مصنع خرج الكثير من العظماء!!

تعتبر جامعة القاهرة واحدة من أقدم الجامعات في مصر والعالم العربي؛ تأسست عام 1820م، في فترة حكم “محمد علي باشا”، وبدأت بمدرسة “المهندس خانة” لتدريب وإعداد المتخصصين في المساحة للعمل في المشروعات المدنية والعسكرية، تم إغلاقها بعد ذلك في عهد الخديوي” محمد سعيد”، تحقيقًا لرغبة الطليعة الثـقافية المصرية، في تأسيس جامعة حديثة تواكب مثيلاتها بالدول المتقدمة في العلم والمعرفة.
تم افتتاح الجامعة عام 1908م، بإقامة حفل كبير حضره الخديوي “عباس حلمي الثاني”، وتم اختيار أحد رواد حركة النهضة والتنوير في مصر، السيد “أحمد لطفي السيد”، الذي وصفه عباس محمود العقاد بأنه بحق “أفلاطون الأدب العربي” كأول رئيس لها.
ولم يكن من قبيل الصدفة أن يكون الأستاذ “قاسم أمين” من مؤسسي الحركة الوطنية ورائد حركة تحرير المرأة، هو سكرتير لجنة الجامعة الذي صدم المجتمع التقليدي في تلك الفترة بكتابيه عن “تحرير المرأة”، و”المرأة الجديدة”؛ لأنه كان يعلم أن التقدم والتغير لا سبيل لتحقيقه إلا عن طريق الجامعة.
لم يتم تخصيص مقر للجامعة في البداية، والغريب أن المحاضرات كانت تلقى في أماكن متفرقة داخل مدينة القاهرة مثل قاعة “مجلس شورى القوانين” ونادي “مدرسة المعلمين العليا”، وكذلك في قاعة “دار الجريدة”، وكان يتم الإعلان عن هذه الأماكن في الجرائد اليومية المصرية في تلك الفترة؛ استمر الوضع إلى أن اتخذت الجامعة أول مكان لها فيما يُسمى “سرايا الخواجة نستور حنا كليس” بميدان التحرير، وهو المكان الذي تشغله حاليًا الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
في عام 1925م، تم إنشاء الجامعة الحكومية باسم “الجامعة المصرية”، بدأت بأربع كليات هي: الآداب، والعلوم، والطب، والحقوق، وفي نفس العام تم ضم مدرسة الصيدلة لكلية الطب.
في عام 1928م، قامت الجامعة بإنشاء مقر دائم لها في موقعها الحالي بمنطقة الجيزة بالقاهرة، الشهير ببرج الساعة الذي أقامته الجامعة بجوار القبة الشهيرة كأبرز معالم الجامعة، والذي تم بناؤه في عام 1937م، والذي يعد ثاني أقدم أبراج الساعة في العالم بعد برج ساعة لندن الشير الواقع بالقرب من مبنى البرلمان البريطاني بالعاصمة لندن.

شهدت قاعات الجامعة الكثير من الفعاليات التي حضرها رؤساء وفنانون من أبرزها كلمات الرئيس جمال عبد الناصر، ومحمد نجيب، والكثير من قيادات مجلس قيادة الثورة عقب قيام ثورة 1952م بقيادة محمد نجيب والتي أطاحت بالملك فاروق.
لا يزال في الذاكرة عندما صحبني لزيارتها أستاذي في “الإحصاء الرياضي” بمرحلة الماجستير، في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، عميد “معهد البحوث والدراسات الإحصائية” بالقاهرة، الأستاذ الدكتور “سمير عاشور”-رحمه الله- كان ذلك في بداية عام 2000م.
تخرج فيها أغلب رجالات مصر من العلماء والأدباء والسياسيين والشخصيات العامة؛ منهم: الكاتب الذي أثرى المكتبة العربية بإنتاجه الغزير “نجيب محفوظ” ، أول أديب مصري عربي حاز على جائزة نوبل في الأدب عام 1988م ، ومنهم عالم الفيزياء “مصطفى مشرفة” الذي كان يلقب بـ”أينشتاين العرب”، والدكتورة “سميرة موسى” عالمة الذرة المصرية، والمهندس المعماري المصري “حسن فتحي” الحاصل على جائزة (أغا خان) في العمارة عام 1980م، وكذلك عميد الأدب العربي “طه حسين”، والأديب “محمود إدريس” والكاتب الكبير رئيس تحرير جريدة الأهرام “محمد حسنين هيكل”، أحد أشهر الصحفيين المصريين في القرن العشرين، الذي ساهم في صياغة السياسة في مصر، منذ عهد الملك فاروق حتى وفاته سنة 2016م، وتخرج فيها الأستاذ الدكتور “بطرس بطرس غالي”، الدبلوماسي المصري الشهير، الأمين العام السادس للأمم المتحدة، وتخرج فيها السيد “عمرو موسى” وزير خارجية مصر الأسبق وأمين عام جامعة الدول العربية السابق، والدكتور “مجدي يعقوب” أستاذ الجراحة في جامعة لندن.
وأخيرًا الأديب ورجل الدولة الوزير والسفير السعودي الأستاذ الدكتور “غازي القصيبي” الذي تخرج فيها من كلية الحقوق في عام 1961م.

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. جميل جدا أن كتبتم هذه النبذه التاريخيه أخينا معالى الدكتور بكرى فهي حقا جامعة نفتخر بها جميعا كعرب لما لها من دور عظيم فى إثراء الثقافه العربيه والدراسات البحثيه العلميه والأدبيه وهي لا زالت كذلك منبرا واعدا ينبض بالحيوية والتطور بجانب الجامعات العربيه فى بقية الدول العربيه كجامعة أم القرى وجمعة الزيتونه وجامعة الملك محمد الخامس….
    دمتم بتوفيق الله دائما متألقين…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى