اقترن مفهوم الحرية الأكاديمية بالمعنى العام المتعلق بحقوق الإنسان الفكرية المتأصلة في التعليم والتعلُّم واكتساب المعارف، فمنذ اتفاقية اليونسكو المناهضة للتمييز في التعليم في عام 1960، اكتسب حق التعليم قانونية شرعية، ورغم أن المصطلح تم استخدامه للمرة الأولى في عام 1915، وعُقد أول مؤتمر للحرية الأكاديمية في عام 1925 في الولايات المتحدة إلا أن تفعيله في الجامعات العربية، ومنها السعودية واجه صعوبات كبرى أشدها التسلط الإداري المنتشر في الإدارة الأكاديمية بحسب معطيات الواقع. ويفرق كتاب الإدارة بين مصطلحي السلطة والتسلط؛ حيث يشير الأول إلى النظم واللوائح التي يفترض من الإداري تطبيقها؛ بهدف بسط النظام وتصحيح الأداء وإدخال التحسينات المطلوبة عليه فيما يشير مصطلح التسلط إلى الاستخدام السلبي لتلك اللوائح والنظم؛ بهدف السيطرة على الموظفين وإشباع الرغبة المكبوتة في نفس الإداري لاستخدام السلطة في غير محلها وتعويض مركبات النقص التراكمية التي نشأ وعاش بها بهذا التسلط المفرط، والحقيقة أن البيئة الأكاديمية بطبيعتها وبفرضياتها الأساسية تعتبر بيئة إبداع؛ إذ تعطي مساحة للحرية الفكرية والإنتاج المعرفي والإبداع والابتكار بحكم كون الجامعات حاضنات العقول وأهم مصادر الإنتاج المعرفي والإبداع والابتكار في المجتمع، والملاحظ أن بعض الإداريين المنتمين لهذه البيئة يستخدم مصطلح “التسلط”، ويحولها إلى بيئة طاردة محاربة للإبداع وقاتلة لروح الابتكار العلمي الذي يسهم في تقدم ورقي المجتمع؛ حيث يشغل بذلك السلوك جميع الأعضاء والموظفين بمشكلات هامشية لا معنى لها، وتوجد بيئة صراعات ومشاكل يضيع معها الوقت والجهد فيما لا نفع به؛ حيث تعتبر هذه الأجواء مرتعًا خصبًا لتفريغ شحناته السلبية واستخدام السلطة للتسلط وحجب المنسوبين عن مكامن الإبداع. فلذا فمن الطبيعي أن يختفي الإبداع ويتلاشى المبدعون بسبب التسلط؛ فمساحة الحرية الفكرية التي يحتاجها المبدعون والباحثون أكبر بكثير من قفص التسلط الذي يصنعه بعض العاملين في الإدارة الأكاديمية بمختلف مستوياتها، والذي قيد به أصحاب العقول الفذة المبدعة أننا نسمع من كثير من الباحثين والمبدعين والمفكرين تضجرهم من سلوك التسلط الذي يحد من حراكهم الفكري، ويحرم المجتمع من إبداعاتهم وكما يقولون فإن البحث العلمي والإبداع لا يحتمل التعقيدات فلطالما تسبب مدير أو رئيس واحد في تنفير مئات المفكرين والمبدعين بسلوكه التسلطي الذي لا يتفق وحجم وأهمية العمل الأكاديمي الذي يعمل به.
فمهلًا أيها المتسلطون فما منحتم السلطة إلا لتستخدموها في توفير المناخ الملائم للأداء الإبداعي، وتحقيق أعلى مستويات الجودة، وأما ما ينقصكم فبإمكانكم استكماله من خلال الالتحاق بدورات تطوير الذات..
0