“وألقِ في أرض منف أس جامعةٍ// من نورها تهتدي الدنيا بنبراسِ”..
هكذا وصف أمير الشعراء: أحمد شوقي جامعة القاهرة (الجامعة الأهلية) في حفل تأسيسها، وهو وصف دقيق فالجامعة العريقة بالفعل “نبراس ومنارة” للعلم والفكر والتنوير.
وبصفتي أحد أبناء جامعة القاهرة العريقة (خريج كلية الإعلام – قسم الصحافة)، سعدت للغاية بالمقال المميز الذي كتبه أ. د. بكري معتوق عساس مؤخراً بصحيفة “مكة الإلكترونية” الغرّاء بعنوان “جامعة القاهرة.. مصنع خرّج الكثير من العظماء”، وهو ما آثار في العقل بعض الوقفات التاريخية المرتبطة بهذه الجامعة العريقة، منها: أن قيمة وقامة هذه الجامعة عالمياً لا تعود فقط لكونها إحدى أبرز مصابيح العلم والتنوير منذ إنشائها عام 1908م، وإنما أيضاً لكونها قد خرّجت مجموعة من الأسماء والقامات الفكرية والعلمية والسياسية التي يُشار لها بالبنان.
وعلى سبيل المثال – لا الحصر-، فقد تخرج من جامعة القاهرة من الشخصيات العربية البارزة كلاً من: الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين (خريج كلية الحقوق عام 1963م)، والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات (خريج كلية الهندسة عام 1950م )، وسمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة (خريج كلية الزراعة عام 1971م). ومن غير العرب وزيرة الدفاع السابقة باليابان وعمدة طوكيو “كويكي يوريكو” (خريجة كلية الآداب- قسم الاجتماع عام 1976م)، وغيرهم.
أما على مستوى الشخصيات المصرية البارزة فحدث ولا حرج، ومنهم: د. بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة (خريج كلية الحقوق عام 1946م)، وأمينا جامعة الدول العربية السابقيّن: عمرو موسى (خريج كلية الحقوق عام 1957م)، ونبيل العربي (خريج كلية الحقوق عام 1955م).
وعلى مستوى رؤساء مجلس الشعب (البرلمان)، هناك: د. صوفي أبو طالب (خريج حقوق 1946م)، ود. رفعت المحجوب (خريج حقوق 1948م)، ود. احمد فتحي سرور (خريج حقوق 1953م). وأيضاً المستشار/ عدلي منصور رئيس الجمهورية المؤقت ورئيس المحكمة الدستورية العليا سابقاً (خريج حقوق 1967م).
وكذلك، الفيلسوف الشهير د. عبد الرحمن بدوي (خريج كلية الآداب – قسم الفلسفة عام 1938م)، والمفكر والعلاّمة الجغرافي د. جمال حمدان صاحب موسوعة “شخصية مصر .. دراسة في عبقرية المكان” (خريج كلية الآداب – قسم الجغرافيا عام 1948م).
وعلى مستوى المبدعين، هناك: د. يوسف إدريس أحد أساطين القصة القصيرة عربياً وعالمياً (خريج طب القصر العيني عام 1947م)، والشاعر الكبير صلاح عبد الصبور (خريج كلية الآداب- قسم اللغة العربية عام 1951م)، والشاعر والإذاعي وأمين عام مجمع اللغة العربية سابقاً فاروق شوشة (خريج كلية دار العلوم 1956م)، والناقد الشهير رجاء النقاش (خريج آداب – قسم اللغة العربية عام 1956م)، وكذلك الناقد الكبير ورئيس الهيئة العامة للكتاب سابقاً د. سمير سرحان (آداب- قسم اللغة الإنجليزية عام 1961م)، وغيرهم الكثير.
ومن الأسماء النسائية المميزة اللواتي تخرجن من جامعة القاهرة، هناك: د. سهَير القلماوي أول فتاة مصرية تلتحق بالجامعة أوائل الثلاثينات الميلادية من القرن العشرين، حيث التحقت بكلية الآداب- قسم اللغة العربية وكانت الوحيدة من بين (40) طالباً تدرس النقد الأدبي في عهد عميد الكلية -آنذاك -عميد الأدب العربي د. طه حسين، والذي عينها مساعدة له كرئيس تحرير لـ “مجلة جامعة القاهرة” لتكون أول إمرأة مصرية تعمل بالصحافة بشكل رسمي، وهنالك كذلك د. مفيدة عبد الرحمن أول محامية في تاريخ مصر (خريجة كلية الحقوق عام 1939م)، وأيضاً د. حكمت أبو زيد أول وزيرة في تاريخ مصر “وزيرة الشؤون الاجتماعية” (خريجة كلية الآداب- قسم التاريخ عام 1943م)، والقائمة تطول.
ومن المفارقات التاريخية أن الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر قد درس لمدة عام تقريباً بالسنة الأولى بكلية الحقوق عام 1936م، ثم اتجه للالتحاق بالكلية الحربية التي طلبت دفعة جديدة – بشكل استثنائي آنذاك- لصباط مصريين من ابناء الشعب إثر “معاهدة 36″، فالتحق عبد الناصر بالحربية في مارس 1937م.
وتجدر الإشارة إلى أنه من أسباب بروز اسم جامعة القاهرة عالمياً أن ثلاثة من خريجيها حصلوا على جائزة نوبل المرموقة، وهم بالترتيب الزمني: الروائي الكبير نجيب محفوظ صاحب نوبل في الآداب عام 1988م (خريج كلية الآداب- قسم الفلسفة عام 1934م)، وياسر عرفات الحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 1994م (خريج كلية الهندسة عام 1950م)، ود. محمد البرادعي الأمين العام السابق لهيئة الطاقة الذرية الدولية الحاصل على نوبل للسلام عام 2005م (خريج كلية الحقوق عام 1962م).
أما عن الشخصيات السعودية البارزة التي تخرجت من جامعة القاهرة العريقة، فالقائمة طويلة للغاية، ومنهم – على سبيل المثال لا الحصر-: السيد/ ولي الدين أسعد المراقب العام للبعثات التعليمية السعودية في مصر لعقدين من الزمن، وهو واحد من بين (14) مبتعثاً مثلوا البعثة التعليمية السعودية الأولى إلى مصر عام 1926م (خريج كلية دار العلوم أوائل الثلاثينيات)، والناقد الكبير عبد الله عبد الجبار (خريج كلية دار العلوم عام 1940م)، إضافةً إلى د. عبد العزيز الخويطر وزير الصحة، ثم المعارف الأسبق (خريج كلية دار العلوم عام 1951م).
وكذلك، د. حسن يوسف نصيف وزير الصحة الأسبق (خريج طب القصر العيني عام 1942م)، وعبد الله الطريقي أول وزير سعودي يتولى وزارة البترول والثروة المعدنية (خريج كلية العلوم- تخصص كيمياء وجيولوجيا عام 1944م)، فضلاً عن د.غازي القصيبي الوزير والسفير والشاعر والأديب (خريج كلية الحقوق عام 1961م)، وأيضاً د. نزار عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية الأسبق (خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية)، وشقيقه الأكبر د. غازي عبيد مدني مدير جامعة الملك عبد العزيز الأسبق (خريج كلية التجارة).
ومن المفارقات التاريخية أن علاّمة الجزيرة الشيخ/ حمد الجاسر فد التحق بالسنة الدراسية الأولى بكلية الآداب- قسم اللغة العربية عام 1939م، ولكنه لم يكمل الدراسة بها هو وباقي أعضاء البعثة التعليمية السعودية بمصر نظراً لنشوب الحرب العالمية الثانية، حيث قررت وزارة المعارف – آنذاك- عودة الطلاب خوفاً على حياتهم.
ونكمل مع الشخصيات السعودية البارزة المتخرجة من جامعة القاهرة، إذ أن هناك من السلك الدبلوماسي كلاً من: أسعد عبد الكريم أبو النصر سفير المملكة ألأسبق بمصر (خريج كلية الحقوق منتصف الخمسينيات الميلادية)، والسفير محمد صالح باخطمة (خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1961م)، وأحمد عبد العزيز قطان وزير الدولة للشؤون الأفريقية وسفير المملكة بمصر سابقاً (خريج كلية التجارة عام 1978م).
وعلى صعيد الصحافة، هناك كلاً من: عبد الله أبو السمح أول مبتعث سعودي لدراسة الصحافة (خريج كلية الآداب – قسم الصحافة عام 1959م).
ومن نفس الكلية والقسم (آداب- صحافة) تخرج في عام 1960م كلاً من : محمد علي حافظ رئيس تحرير صحيفتي: “المدينة” و”الشرق الأوسط” الأسبق، ويوسف دمنهوري رئيس تحرير صحيفتي: “الندوة”، و”البلاد” الأسبق. وبعدهما، تخرج في عام 1963م كلاً من: د. حمود البدر أمين عام مجلس الشورى سابقاً، وأسامة السباعي رئيس تحرير مجلة “إقرأ” وصحيفة “المدينة” الأسبق.
………………………………
(*) كاتب وصحافي مصري
