المقالات

(جاك ماك) …الملياردير الصيني!!

إن مقولة عميد الأدب الفرنسي “فيكتور هوجو”، القائلة: “المحن تصنع الرجال، والرفاهية تصنع الوحوش”، تنطبق تمامًا على مسيرة رجل الأعمال العصامي الملياردير الصيني (جاك ماك)، مؤسس شركة (علي بابا)، وأحد أثرياء العالم، حيث تقدر ثروته بأكثر من (40) مليار دولار.
بدأ حياته المهنية كمدرس للغة الإنجليزية، وتحوّل في فترة زمنية قصيرة من مدرس لغة براتب لا يكفي لسد احتياجاته إلى عملاق في عالم التكنولوجيا، وإلى أغنى رجل في بلده الصين.
لحياة هذا الملياردير الصيني قصة تمثل مصدر إلهام لملايين الشباب حول العالم، فقد حقق نجاحًا عالميًا بجده واجتهاده الشخصي، على الرغم من الظروف الحياتية الصعبة التي عاشها.
ولد في مدينة “هانغتشو” الصينية، التي يقطنها حوالي (2.5) مليون نسمة، تقع بالقُرب من “شانغهاي” التي تشتهر بمناظرها الطبيعية الخلابة وأراضيها الزراعية الخصبة.
كان والداه فنانين يؤديان أغاني تقليدية تعرف باسم “البينغ تان”، وهي نوع من السرد القصصي الملحن، وعند بلوغه سن (12) سنة بدأ يهتم بتعلّم اللغة الإنجليزية، وكان يقطع يوميًا بدراجته الهوائية حوالي (30) كيلو مترًا وعلى مدة ثماني سنوات، للوصول إلى فندق بالقُرب من بحيرة “هانغتشو” لكي يحتك بالسياح التي تعج بهم المدينة، ويقدم لهم خدماته كدليل سياحي بدون مقابل، كل ذلك بهدف تعلم اللغة الإنجليزية.
ذكر أنه واجه ظروفًا صعبة في دراسته، إذ فشل مرتين في امتحان القبول لدخول الجامعة الأمريكية في مدينة “هانغتشو” الصينية، فعمل عامل نظافة، والتحق بعد ذلك في عام 1984م، بجامعة ينظر إليها على أنها أقرب ما تكون دارًا للمعلمين.
بعد التخرج، مارس مهنة تدريس اللغة الإنجليزية لمدة خمس سنوات براتب (12) دولارًا أمريكيًا في الشهر، دفعه ذلك إلى البحث عن مصادر أخرى للدخل، غادر “جاك” في عام 1985م إلى مدينة سياتل الأمريكية للعمل كمترجم للغة الصينية.
أثناء وجوده في أمريكا أنشأ موقعًا تجاريًا إليكترونيًا لتسويق المنتجات الصينية وأطلق عليه اسم “الصفحات الصينية”، تطور الموقع إلى أن أصبح شركة جديدة للتجارة الإلكترونية باسم “علي بابا”، وصلت القيمة السوقية للشركة إلى (467) مليار دولار، ووصلت ثروة “جاك ماك” الشخصية إلى حوالي 40 مليار دولار، وفقًا لمؤشر بلومبيرج للمليارديرات.

من أشهر أقواله: “لو وضعت موزًا ونقودًا أمام القرود فإن القرود ستختار الموز، لأنهم لا يعرفون أن بالنقود تشتري موزًا أكثر…! ولو عملت نفس الشيء مع أغلب الناس وخيرتهم بين مشروع وبين (راتب شهري) في وظيفة لاختار الأغلبية الوظيفة الشهرية، لأنهم لا يعرفون أن المشاريع تجلب نقودًا أكثر من الراتب الشهري”.
وزاد – والكلام لجاك ماك – أن من الأشياء التي تجعل الناس فقراء هي أنهم طوال حياتهم، وهم يتعلمون في المدارس أن العمل دائمًا يكون من أجل الوظيفة الشهرية.
صحيح أن الراتب الشهري يمنعك من الفقر، لكنه يمنعك من الغنى أيضًا، ولم أرَ في حياتي شخصًا يعمل من الساعة (8) صباحًا إلى الساعة (3) مساءً أصبح غنيًا، إلا إذا كان فاسدًا!

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مقال حصيف، ينبِّهُ بعض الغافلين، أو الذين يريدون القفز إلى القمة في وثبةٍ واحدةٍ إلى أن المحن بالفعل تصنع النجاح، وأن الظروف لا تقف أمام الإنسان بقدر ما تقف نفسه المتخاذلة عن تحقيق الإنجاز الأفضل لحياته.

    سلمت يداك دكتور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى