فعلاً الحياة مدرسة، ومدرسة كبيرة جداً فيها الكثير من الحكم، والعظات لمن أراد، وياسعد من اتعظ من الآخرين، ولم يتعظ الآخرون منه. وعبر مقطع رائع للإعلامي القدير والمميز الأستاذ. أحمد الشقيري وهو بالمناسبة من المهتمين بالتنمية البشرية وخاصة في التوعية الاجتماعية العامة من خلال مناقشات فكرية تتسم بالمنطق، والنضج يقول فيه:” الشخص اللي ما صار بينك وبينه موقف يختبر علاقتك معاه..خفض من توقعاتك منه إلى أن يحصل الموقف ويثبت أنه يكون معاك، وإلا ستصدم في حياتك كثير.. ويا ما انصدمنا.. يا ما انصدمنا؛ لأنه حطينا الناس في الفئات الغلط فخفف من التوقعات تقل الصدمات”. والحقيقة هذه الدنيا مليئة بالتجارب الهامة، والمواقف العامة ذات العبر فكم من صديقين مقربين لبعضهما لدرجة تشعر أنهما أكثر من أخوين، أو زميلين، أو جارين، باعدت بينهما مواقف عابرة ولأسباب تافهة ولكن العناد والمكابرة وحضور الشيطان أفضى برباط الأخوة ورمى بها في أقصى أركان الحياة فكان للأسف الشديد فراق بلا أمل في العودة نهائياً.
ولا أعتقد أن شخصاً تجاوز مرحلة سن الثلاثين، أو الأربعين هذا فضلاً عن المراحل المتقدمة لا يمتلك حتّى الآن بعد نظر في مثل هذه الاختيارات الحياتية الهامة، أو بالأصح حتى اللحظة لم يجد الإنسان المناسب والتي بطبيعة الحال تستوجب أنه قد أحسن الاختيار فيها تماماً من صديق يحمل هم، وحاجة صديقه، بل ويساعده على تجاوز الظروف القاسية، والعقبات المتعبة.. فالحياة في واقعها ماهي إلا مشقة، وشدة، وعناء لا تسهل ولا تهون إلا بمرافقة الصديق الصدوق، وعلى أي حال كل ما ينبغى التأكيد عليه على فئة هم في بداية حياتهم العمرية من فئة الشباب من خلال حسن اختيار الصديق فلا يكون اختياره مبني على مصلحة زائفة، أو منفعة مؤقتة فكلها سوف تزول عاجلاً أو آجلا عندما تنكشف الحقائق، والمأمول أن تقوم على إخوة، ومحبة، وتضحية، وتنازل، وغض الطرف وتكملها وتكللها بعض المواقف اليومية القوية والتي تظهر عبرها المعادن البشرية ذات الأصالة والمصداقية.
إن من المؤكد أنه كلما كانت الصداقة مبنية على أسس صلبة من الإخوة الصادقة، والمواقف النبيلة، والشفافية الواسعة، والتضحيات الكبيرة، والتنازلات الجميلة وقبل ذلك أساسها وامتدادها محبة في الله سبحانه كلما كانت هذه الصداقة مستمرة، ودائمة بمشيئة الله تعالى، وحتى حين يتخللها في بعض مواقفها شيئاً من الكدر، والألم وهذا من الطبيعي حدوثه ولكن مع قليل من الوقت فقط تعود إلى بداياتها الأولى من الحب والوفاء والاخلاص والعطاء. ولا زلت أتذكر جيداً أحد كبار السن بعد مالفت انتباهي الصداقة القديمة بينه وبين صديقه وسألته حينها ألم يحدث بينكما زعل وعتب يوماً ما؟ ومباشرة قال لي: نعم حدث ولكن الصديق الذي يزعل من صديقه هذه ليست صداقة أبداً نعم يكون هناك زعل محدود، ومؤقت ولكن سرعان ما تزول أسبابه. وفي كل الأحوال كل ما آمله التوفيق والسداد، والعلاقة الأخوية الدائمة بإذن الله بين صديقين، وأن لا نقول كما قال القدير الأستاذ أحمد الشقيري في جزء من المقطع “يا ما انصدمنا..يا ما انصدمنا!!”.
ماشاء الله تبارك الله … لافض فوك …لقد وفقت في صياغة المقال بكل تفاصيله وانا اجزم ان كل من قرا المقال كأنه يقرأ عن نفسه هو ….. بصراحه هذا الاسلوب الجميل افتقدناه كثيرا كان ينتهجه الشيخ علي الطنطاوي والدكتور غازي القصيبي رحمهما الله جميعا … عندما قرأت المقال كأنني اقرأ لأحد عمالقة الكُتّاب كالطنطاوي والقصيبي ووغيرهم ….