حوارات خاصة

اللواء متقاعد علي الغيلاني: جهود الدولة ساهمت في تطوير خدمات الحج.. وعمل المرأة في السلك الأمني من مكاسب “رؤية 2030”

الباحة – بإصراره وعزيمته وتحديه لليأس والمصاعب استطاع بتوفيق الله بعد عدة محاولات أن يحقق حلمه الذي جعله هدفا أمام عينيه وكان يسعى لتحقيقه، وهو الالتحاق بكلية الملك فهد الأمنية، فقد وفقه الله ليتشرف بخدمة دينه وقيادته ووطنه (32) عامًا قضاها في العمل الأمني، حيث بدأ مسيرته العملية في منطقة القصيم، وتدرج في الرتب العسكرية، وشغل العديد من المناصب القيادية والمهام والمسؤوليات خلال مسيرته العملية.
ضيفنا في الحلقة الخامسة عشر من سلسلة زاوية “مواقف ومذكرات أمنية” سعادة اللواء المتقاعد علي الغيلاني نائب مديرشرطة منطقة جازان سابقا، الذى روى ذكرياته وتحدث عن تاريخه وخبراته، عبر هذا الحوار:

– في البداية عرف القراء الكرام على نفسك وتفاصيل نشأتك؟
علي بن محمد السفلان الغامدي (الشهرة الغيلاني)، ولدت بقريتي غيلان بمحافظة بلجرشي، ونشأت بها كغيري في تلك الحقبة، شاركت الأهل في الزراعة والحصاد والري ورعي الاغنام، حيث كان الوالد -رحمه الله- موظف بسيط، وقد بذل الوالدين جهودًا كبيرة لتوفير حياة كريمة لنا، جزاهما الله عنا خير الجزاء.

– أين تلقيت تعليمك في جميع مراحلك الدراسية؟
التحقت بالمدرسة الابتدائية المحمدية بالقرية قبل بلوغ السن النظامي (مستمع) وبعد أسبوعين طلب تسجيلي بشكل رسمي، بعد ذلك التحقت بالمعهد العلمي ببلجرشي بمرحلتيه المتوسطة والثانوية، ثم بعد التخرج اتجهت إلى الرياض للالتحاق بالكلية الأمنية، ولم يكتب لنا القبول، ثم التحقت بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض في كلية الدعوة والإعلام بقسم إعلام، وبعد الفصل الدراسي الأول حولت إلى كلية الشريعة، وفي العام التالي حاولت التقديم على الكلية الأمنية، ولكن كانت الأفضلية للخريجين في ذلك العام د، بعدها واصلت في الجامعة ونلت درجة البكالوريوس ولله الحمد في قسم الشريعة، وتقدمت مرة أخرى للأمن العام وتم قبولي، ثم التحقت بالدورة العسكرية بالكلية الأمنية.

– لماذا اتجهت للسلك العسكري دون غيره؟
أي عمل يقوم به الإنسان في أي مجال يعتبر شرف، ولكن كان لدي رغبة وإصرار على الالتحاق بالخدمة العسكرية لخدمة ديني ووطني وولاة الأمر حفظهم الله تعالى.

– أين قضيت خدمتك العسكرية من بعد تخرجك من الكلية حتى تقاعدك؟
تم تعييني بشرطة منطقة القصيم، ولكن للظروف الأسرية طلبت النقل لشرطة الباحة، وعينت ضابط تحقيق، ثم انتقلت لشرطة محافظة بلجرشي مديرًا لشعبة التحريات، ثم مديرًا لشؤون الأمن في محافظة العقيق، وبعدها مديرًا لإدارة التحريات بشرطة المنطقة، وبعد ذلك التحقت بدورة عسكرية لمدة عام، بعدها عُينت مديرًا لشؤون الأمن بشرطة مدينة الباحة، ومديرًا لشؤون الأمن بشرطة محافظة المخواة، ثم مديرًا مرة أخرى لإدارة التحريات بشرطة المنطقة، وبعدها كنت مديرًا لشرطة محافظة القرى، ومديرًا لشرطة محافظة المخواة، ثم مساعدًا لمدير شرطة المنطقة لشؤون الأمن، وأخيرا نقلت لشرطة منطقة جازان نائبًا لمدير الشرطة.

– عملت في العديد من المواقع وتوليت العديد من المهام والمسؤوليات.. ماذا تعني لك هذه المراحل، وما الذي اكتسبته من كل مرحلة؟
صحيح، تنقلت في العديد من المواقع وكما تلاحظ كل عملي كان في العمل الجنائي، وهذا العمل يكسب الضابط الخبرة والقدرة على حسن التصرف واتخاذ القرارات المناسبة، كما كان لها أثرا كبيرا في صقل الشخصية، وهذه التنقلات تكسب الشخص خبرة ليس في المجال الجنائي فقط، بل في الجانب الميداني والإداري أيضا.

– ماذا كان يعني لك العمل الجنائي خلال مسيرتك؟
رغم أن العمل الجنائي وتحديدا التحريات عمل متعب ومضني ويأخذ من وقتك وجهدك وتفكيرك الشيء الكثير، ولكن كان يعطي راحة نفسية وسعادة عند الوصول إلى نتائج إيجابية، ويذهب بعدها كل تعب البدن والذهن.

– يُصادف ضابط التحقيق بعض القضايا المعقدة التي تحتاج إلى جهد وتفكير عميق في فك رموزها.. ما هي القضية التي لا زالت عالقة في ذاكرتك؟
-القضايا كثيرة جدا، لكن لحفظ الحقوق والمهنية لا أرغب في ذكر أي قضية، لأننا سوف نتطرق لأسرار تتعلق بالعمل المهني وبالأشخاص المرتبطين بهذه القضايا.

– بعد أن أصبحت النيابة العامة الجهة المعنية بالتحقيق.. هل هذا أفقد الضابط الحديث فرصة تعلُّم التحقيق الجنائي وصقل موهبته؟
لا أعتقد ذلك، لأن الضابط يستطيع تطوير نفسه، كما أن الإجراءات الأولية والاستدلالية لازال يتولاها رجال الضبط حتى تسليم القضية للنيابة العامة بالمتهم، والتي بدورها تقوم باستكمال إجراءات التحقيق وأيضًا استكمال بعض الإجراءات الاستدلالية والتحقيقية التي يتطلبها سير كل قضية بالتنسيق مع رجل الضبط الجنائي، والمحقق لابد أن يكون لديه الرغبة والجلد والصبر والحس الأمني لفحص كل معلومة، وأيضاً الإلمام بالإجراءات، كما يجب أن يعمل على تطوير قدراته المعرفية والميدانية، وهناك من الزملاء من كان يتمتع بالموهبة بالإضافة لذلك، فتجده يصل إلى حل كل قضيه بأسرع وقت.

– ما هي أبرز المواقف الصعبة التي لا زالت عالقة في الأذهان؟
هناك مواقف كثيرة، ولكن أتذكر موقف تعرض أحد زملائنا في إحدى شرط المحافظات عندما كنت مديرًا لها، حيث كان يباشر عمله في نقطة ضبط أمني متحركة، وأثناء ذلك تفاجأ بصهريج لم يتمكن قائده من إيقافه لتعطل المكابح، مما أدى إلى دهسه للزميل وتقطيعه إلى أشلاء علق بعضها بين العجلات، وكان هذا الموقف من المواقف الصعبة التي لا أنساها، وأسأل الله أن يرحمه ويتقبله من الشهداء.

– لا بد أنك نلت شرف المشاركة في مهمة الحج.. اذكر لنا أبرز ما يُصادفه رجال الأمن من مواقف في مثل هذه المواسم؟
الحج مدرسة، وتمت المشاركة في أعمال الحج سواء في الأعمال الجنائية أو المرورية، وكما تعرف الحج يقصده المسلمين من كل بقاع الأرض بمختلف لغاتهم وعاداتهم، وهذا يتطلب من رجال الأمن الصبر على ما يصدر من الحجاج من بعض التصرفات، وإرشادهم وتقديم أفضل الخدمات لهم، لأن في التعامل معهم صعوبة لاختلاف اللغة والثقافة العلمية لبعضهم، وعدم إلمامهم بخطط التفويج من مشعر لآخر.

– كيف ترى الفرق في الإمكانات التي تقدمها الدولة -أيدها الله- في أول مشاركة لك في مواسم الحج وفي وقتنا الحاضر؟
هناك تطور كبير في كل عام، من ناحية الخطط الأمنية والإمكانيات البشرية والآلية والتقنية والمنشآت الخدمية، والدولة أيدها الله تعمل على تحسين الخدمات سنويًا من خلال لجنة الحج العليا، وذلك بدراسة السلبيات ومعالجتها، والإيجابيات وتعززيها في جميع المشاعر، حتى وصلت الخدمات إلى الحجاج في دولهم قبل الوصول إلى المملكة.

– ماذا تعلمت من السنوات الطويلة التي قضيتها في مجال العمل الأمني؟
العمل الأمني وبالذات الشرطي مدرسة لأي ضابط، سواء من خلال العمل الجنائي أو الميداني أو الإداري، وهناك قاعده دائمًا أُذكّر بها الزملاء، أن يُراعي رجل الأمن الله في تعامله مع الناس، والعمل بجد لإعطاء كل ذي حقٍ حقه، وأن يضع رجل الأمن نفسه مكان ذلك الشخص، ويعامله بمثل ما يحب أن يُعامل هو لو كان بنفس الموقف والمكان.

– كيف ترى من يتعامل بالغلظة والشدة مع مرؤوسيه؟
يجب أن يفهم رجال الأمن أنهم في هذا العمل الأمني قد أقسموا على إحقاق الحق، وأن العمل الأمني يمتاز بالانضباط، فهو ليس كالأعمال الأخرى، وبالتالي يجب أن يعطي رجل الأمن ويعمل بجد، لأن في أي إهمال أو قصور ضياع للحقوق الخاصة أو العامة وإخلال بالعمل الأمني، والشدة في غير مكانها تعطي نتائج عكسية وتخلق بيئة عمل غير منتجة، والإهمال أيضًا يعطي نفس النتيجة، ولكن يجب أن يكون هناك مُراعاة للجوانب الإنسانية والاجتماعية، وتقديم العون والمساعدة ما أمكن للمرؤوسين، بل ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم، ومكافأة المجتهد ومحاسبة المقصر، حيث ورد في الحديث: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).

– بماذا خرجت من سنوات خدمتك العسكرية؟
الخدمة العسكرية شرف لكل من ينتمي لها، والحمد لله خرجنا ونحن نفخر بما قدمناه، وأكبر نعمة عندما تصادف إنسان في أي موقع وكان يبادر بالسلام عليك ويدعو لك ويذكرك بأنك أنصفته، وأسأل الله أن يجعل ذلك في موازين حسناتنا.

– عملت في نهاية خدمتك العسكرية نائبا لمدير شرطة منطقة جيزان.. ماذا تمثل لك هذه الفترة؟
رغم قصر مدة خدمتي في هذه المنطقة بما يقارب 3 سنوات، إلا أن هذه الفترة من أجمل فترات العمل سواء من ناحية زملاء العمل أو بيئة العمل، رغم كثافة العمل الأمني وطبيعة المنطقة لمجاورتها دولة شقيقة تعاني من اضطرابات أمنية وسياسية واقتصادية، إضافة إلى التعاون الكبير بين الأجهزة الأمنية، في ظل وجود أمير المنطقة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز، الذي يعتبر عون ومساند لجميع الجهات العسكرية، وذلك بما يمتلكه سموه من خبرة عسكرية وإدارية.

– في ظل رؤية 2030 تم تمكين المرأة من خوض غمار العمل العسكري.. كيف ترى هذه النقلة؟
-طعمل المرأة في السلك العسكري الأمني مطلب منذ زمن، والآن مع الرؤية تحقق ذلك لأن الأعمال الأمنية تحتاج وجود المرأة، سواء في الأعمال الأمنية الميدانية أو الإدارية.

– كيف ترى النقد الإعلامي في مجال عملك؟
النقد الإعلامي الهادف يساهم في تطوير أي عمل، إذا كان ذلك النقد يقدم لمصلحة العمل، وليس للأشخاص أو لمأرب أخرى في نفس الإعلامي، ولا يجب أن يكون لدينا حساسية من ذلك لأنه ينير الطريق لحل كثير من الملاحظات والسلبيات ويجب على كل قائد أخذها بعين الاعتبار.

– كيف تقضي برنامجك اليومي بعد مسيرة 32 عامًا من العطاء؟
في الحقيقة لا يوجد برنامج معين لي، ولكن أصبح لدي الوقت الكافي للجلوس مع الأسرة، وليس هناك ارتباطات كما كان في السابق وأنا حديث عهد بالتقاعد، ولكن أحرص على ممارسة الرياضة وربما يظهر لنا خلال قادم الأيام أمور أخرى، نسأل الله التوفيق وأن يمتعنا وإياكم بالصحة والعافية فيما بقي من أعمارنا.

– بماذا تريد أن تختم هذا اللقاء؟
أولًا : الشكر الجزيل لكم أخي العزيز حسن، على ثقتكم فينا واستضافتنا في هذه الزاوية.
وثانيًا: أوجه كلمه لمن شرفوا بالعمل الأمني “لقد حملتم أمانة الحفاظ على الضروريات الخمس، وأمن الوطن، وأقسمتم بالله على ذلك، فاجتهدوا في أداء الأمانة، وتمنوا ما عند الله ولا تنتظروا الشكر من أحد، وأسأل الله أن أكون قدمت شيء ولو بسيط يفيد القارئ، حفظ الله ديننا ووطننا وولاة أمرنا من كل مكروه، وأدام علينا نعمة الأمن والإيمان في بلادنا المباركة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ماشاءالله تبارك الله
    مسيره عطره ومميزه بالإنجازات والعمل الصادق
    اخي سعادة اللواء علي الغيلاني وفقه الله وسدد خطاه حريص على الاتقان في العمل ومحبا لأقاربه واصدقائه وفيا حفظه في حله وترحاله
    اخوك عبدالله محمد المليص الباحه قرية بني حده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com