حوارات خاصة

مدير “مزرعة الخميس”: نسعى لتحقيق رؤية المملكة 2030 في الزراعة.. ونخطط للتحول إلى مزار سياحي لخدمة الباحة

الباحة – تعتبر الزراعة من المهِن التي تشتهر بها منطقة الباحة في الزمن القديم ومصدر رزق للآباء والأجداد من خلال ما تنتجه من حبوب الذرة والدخن والقمح والشعير والسمسم.

ومع التطور الذي شهده القطاع الزراعي مؤخرا، فقد اتجه البعض إلى زراعة الفواكه الموسمية مثل الرمان والخوخ والمشمش والعنب والتين والموز والفراولة وغيرها، حتى أصبحت بعض المزارع مزارات سياحية للاستمتاع بجمال ما تحتويه من مزروعات متنوعة، ومن المزارع التي تحتضنها منطقة الباحة مزرعة الخميس النموذجية، التي تضم العديد من الفواكه المختلفة.

حرصت صحيفة “مكة” الإلكترونية على تسليط الضوء على هذه المزرعة، من خلال استضافة مدير المزرعة فيصل بن مداوس بن دايس الغامدي، عبر اللقاء التالي:

– حدثنا عن مزرعة الخميس النموذجية من حيث فكرة إنشائها ومساحتها؟
تقع هذه المزرعة في منطقة الباحة، بقرية بني فروة، وقد أنشأها جدنا خميس بن علي بن حمدان رحمه الله، من خلال ضم مجموعة من قطع الأراضي الزراعية الصغيرة، والمدرجات على الجبال المحيطة بها، لتصبح مزرعة واسعة على مساحة تبلغ 181 ألف متر مربع، لتكون في ذلك الوقت وحتى الآن من المزارع الكبيرة في محيطها، ثم دأب الآباء على المحافظة عليها وزراعتها جيلًا بعد جيل، وها هي أسرتنا اليوم تسير على خطى الآباء، لنعلم أجيالنا القادمة كيف تزرع مع هذه المحاصيل جذور الأمل ليزدهر المستقبل بالخير بإذن الله.

– كيف بدأت فكرة تطوير المزرعة في الوقت الحالي؟
بدأت فكرة تطوير هذه المزارع منذ عام 2018 عندما استلهمت أسرتنا من اهتمام الدولة أعزها الله بالغطاء النباتي، والتشجيع على الاستثمار الزراعي، فكانت الشجرة ركيزة مهمة لجودة الحياة التي هي مقوم مهم من مقومات رؤية المملكة 2030، عندها كونت أسرتنا مجلس لإدارة أملاك جدنا رحمه الله وتطويرها، واستثمارها، يضم الأبناء الكبار من فروع الأسرة، برئاسة ابن عمّي الدكتور خميّس الغامدي، وتم وضع لبنات الشراكة العائلية لتطوير هذه المزرعة، وتخصيصها بزراعة العنب بشكل رئيسي إلى جانب بعض الفواكه مثل الفراولة والتوت البري، وتم استقطاب مجموعة من المزارعين والخبراء، كما قامت الأسرة بوضع صندوق مساهمات لدعم تطوير هذه المزرعة، وقد شرفني مجلس الأسرة بثقته في تكليفي بإدارة المزرعة واستثمارها والإشراف على تطويرها، وها نحن نعمل ولله الحمد والمنة في هذه الأرض، نستلهم من توجيهات قادة هذه البلاد رؤيتهم وحبهم للبناء، ونستشرف من المستقبل الأهداف التي نسير نحو تحقيقها، ونعمل وبين أعيننا الحرص على المشاركة بفاعلية في الجهود الموفقة التي تقودها إمارة المنطقة والجهات الرسمية ذات العلاقة بالزراعة في المنطقة، لجعل منطقة الباحة وجهة زراعية سياحية خضراء منتجة، بجودة عالمية، وطابع وطني.

– ماذا تحتوي المزرعة من منتجات زراعية؟
تحرص مزرعتنا على التخصص في إنتاج العنب، والاهتمام بتنوع أنواعه، حيث تنتج العنب الرازقي الأبيض والرازقي الأسود والعنب الطائفي والعنب الإيطالي والعنب الفرنسي والعنب العسلة، كما ننتج الفراولة المميزة، والتوت البري “بلاك بيري”، إلى جانب اللوز، ونسعى في المستقبل القريب إلى زيادة تنوع الإنتاج في الفواكه.

– كم عدد الشتلات والأشجار التي تحتويها المزرعة؟
تضم مزرعتنا الآن 2500 شجرة عنب، و650 شجرة لوز، كما تضم 40 ألف شتلة فراولة، و6 آلاف شجرة توت.

– كيف تم تحويل المزرعة من عادية إلى نموذجية؟
لابد أن نحدد أولا مفهومنا للمزرعة العادية، والنموذجية، حيث إن مفهومنا للمزرعة العادية هو تلك المزرعة التي تستخدم الطرق التقليدية للزراعة، وفق خطة عمل تشغيلية موسمية، لمحاصيل تقليدية محدودة، وبجهود فردية.
أما مفهومنا للمزرعة النموذجية فهو المزرعة التي تستخدم تكنولوجيا زراعية متطورة، وفق خطة استراتيجية واضحة، وتستعين بخبرات زراعية متخصصة، وتخضع منتوجها للأبحاث العلمية، وتتابع جودة المحصول وفق معايير دقيقة وواضحة، لتحقيق محصول زراعي عضوي مميز، وبكميات تلبي حاجة السوق.
ونحن في مزرعتنا سعينا للانتقال إلى المستوى النموذجي منذ بداية عملنا، ونحرص باستمرار لتطوير هذا المستوى واستقطاب التكنولوجيا الزراعية والخبرات المتخصصة مهما كانت تكلفتها، ونأمل في المستقبل القريب بأن نكون مرجعا لمساعدة غيرنا ممن يمارس نفس نشاطنا بنقل خبراتنا إليه، ودعمه بالمشورة التي تخلق التنافسية الاحترافية الإيجابية في المنطقة، بشكل يساعدنا جميعا للنهوض بالمستوى الزراعي في منطقتنا.

– كيف تم تحويل المزرعة إلى مزار سياحي؟
ساهم إعلاميو منطقة الباحة في نقل صورة مزرعتنا للمجتمع مما جذب بعض السياح، لكن مزرعتنا حتى الآن لم ندخلها في دائرة المزارع السياحية، وهذا هدفنا القريب بإذن الله؛ لأننا نؤمن أن الزراعة رافد مهم لجودة الحياة، ومنطقة الباحة منطقة زراعية وتمثل مظهرا من مظاهر السياحة الوطنية التي تعتمد على جمال الطبيعة، كما أننا نؤمن أن الزراعة ثقافة تنمو وتزدهر إذا تم الاهتمام بها، وتجويد هذه الثقافة يتحقق بمشاركة الجمهور فيها، واستمتاعه بمناظرها، وخضرتها، ونحن نؤمن أننا عندما نستهدف حضور الجمهور للبقعة الخضراء فهذا يتطلب منا العناية الفائقة والمستمرة بالمسطحات الخضراء، كما أنه يستحثنا على ديمومة التطوير والتجديد، لأن استمرارية استقطاب السائح تستوجب المحافظة على جمال وازدهار تلك البقعة الخضراء، وهذا نعده رافدا مهما لنا لاستمرار نماء مزرعتنا وتطورها.

– ما هو الهدف من تحويل المزرعة لمزار سياحي؟
كما ذكرت لك نحن نؤمن بأهمية تعميق جذور السياحة الوطنية، وتوسيع نطاقها، ونؤمن أننا عندما نطور مزرعتنا فنحن نشارك بشكل مباشر في تنمية منطقتنا، ونشر ثقافة جودة المنتج بين المزارعين، وفتح مزرعتنا لتكون مزارا سياحيا يدعمنا في زيادة مستوى الجودة، ويحرضنا على ديمومة الخضرة والنماء، كما أننا نكون بذلك شركاء فاعلين في توسيع خطط السياحة في منطقتنا، وهذا نعده عملا وطنيا بامتياز، نحن نحرص عليه من منطلق تجذر انتماءنا لهذا الوطن العظيم.
وأود أن أبوح لك هنا بأننا ننظر للسائح بأنه رقيب بصير وفطن على جودة ما نقوم به في مزرعتنا، إذ تكرار حضوره يعني قدرتنا على المحافظة على الخضرة والجمال والتطوير والإبداع والتميز، وغيابه عن مزرعتنا سيكون قرارا واضحا بأننا أخفقنا في عملنا، وتوانينا في تطبيق معايير الجودة والتميز، ولذلك نحن حريصون على استقطاب هذا الرقيب البصير الفطن في مزرعتنا قريبا بحول الله.

– كيف رأيت إقبال السياح على المزرعة؟ وماذا قدمت لهم لضمان وجودهم؟
حضور السياح خلال هذه الفترة ملحوظ، وهو أحد الدوافع الثانوية التي جعلتنا نفكر في تحويل مزرعتنا إلى مزرعة سياحية، لكننا نتوقع بعد أن نقوم بالانتقال الفعلي إلى إعمال المعايير السياحية في مزرعتنا أن يكون هناك إقبال أكثر، ونحن في هذه المرحلة نطلع على بعض خبرات المزارع السياحية محليا وإقليميا وعالميا، وسوف نختار الخدمات الأكثر تميزا التي سنقدمها للسائح، وفق إمكاناتنا المتوفرة، وسنعمل على تحقيق ذلك وفق خطط مرحلية مدروسة.

– هل هناك رسوم للدخول إلى المزرعة؟
لا يوجد رسوم لزيارة مزرعتنا في الوقت الحالي، ونتوقع الإعلان عن تحديد رسوم عندما نبدأ في تقديم خدمات سياحية مؤسسية؛ من أجل تغطية تكليف تلك الخدمات وتطويرها، والمحافظة على ديمومة تميزها، إلا أننا نؤكد أنها ستكون رسوم أقرب للرمزية.

– من يتولى الإشراف على المزرعة والقيام على زراعتها؟
جميع أفراد أسرة الخميس يشاركون في خدمة المزرعة وفقا لتخصصاتهم، فمنا المستشار القانوني الذي يعد العقود اللازمة لأعمال المزرعة، ويشرف على أعمالها القانونية، ومنا المحامي الذي يمثل المزرعة قانونيا أمام الجهات المختصة، كما أن فينا المهندس المعماري الذي يصمم ويشرف على التخطيط العمراني والبناء، وفينا المهندس المدني، والخبير الاستثماري، كما أن كافة أفراد الأسرة من الذكور والإناث يشاركون في دعم المزرعة ماليا من خلال المساهمات التي بلغت ملايين الريالات حتى الآن.
وأنا تشرفت بثقة الأسرة لأدير عمل المزرعة، وأقوم بالإشراف العام عليها، وفق توجيهات مجلس الأسرة الذي يضم كبار أفراد أسرتنا برئاسة ابن عمي الدكتور خميس بن سعد، ويسانده في رئاسة المجلس شقيقي المهندس فهد بن مداوس، كما أن مجلس الأسرة يمثل الجمعية العامة التي تضم جميع أحفاد الجد خميس بن علي من الذكور والإناث، وتتخذ القرارات في الجمعية بالأغلبية المطلقة.

– ما أبرز دعم حصلتم عليه من الجهات المعنية بعد قرب تحويل المزرعة إلى مزار سياحي؟
نحن نعمل على الإجراءات الرسمية لتكون مزرعتنا مزرعة سياحية، ولم ينته هذا حتى الآن، ولكنني أريد أن أوضح أن الدولة أعزها الله تولي اهتماما بالغا بالغطاء النباتي، ومن ذلك دعم المزارعين، والسياحة الزراعية، بالمال والخبرة والمشورة، ولم ندخر جهدا في سبيل تطوير الزراعة، ورفع نتاجها، وتجويد محاصيلها، والتحفيز على السياحة الزراعية، لتكون ذات أثر ملموس في جودة حياة المواطن، التي هي إحدى ممكنات رؤية المملكة 2030.
واسمح لي في هذا الصدد أن أتوجه بكل كلمات الشكر والتقدير لسمو أمير المنطقة الأمير الدكتور حسام بن سعود، هذا الرجل العظيم المحبوب الذي كان ملهما لنا في المنطقة بحبه للمنطقة وأهلها، وحرصه على تذليل الصعاب التي تواجه المزارع، وهو دوما يشحذ الهمم، ويحفز الجهود، ويتابع بشكل نجده نحن المزارعون مؤثرا حقيقيا في مسيرتنا، ومحفزا مباشرا في جهودنا.
وأواصل كلمات الشكر والامتنان والإشادة لسعادة وكيل الإمارة الدكتور عبدالمنعم الشهري، والمهندس فهد مفتاح الغامدي مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزارعة، والأستاذ سعيد مسفر مدير إدارة الزراعة، فهؤلاء معنا في الميدان، يزورون مزارعنا، ويباشرون المتابعة والتحفيز، ووجودهم معنا أثره ملحوظ ومباشر، واهتمامهم ومشورتهم ودعمهم للمزارعين شكّل دافعا مهما.

– هل لكم مشاركات في المهرجانات الزراعية في المنطقة وخارجها؟
بالتأكيد نحن نهتم كثرا بالمشاركة في المهرجانات الزراعية، وقد شاركنا بالفعل في عدة مهرجانات أقيمت في المنطقة، ونحسب أن مشاركتنا كانت بفاعلية، وقد حصلنا على عدة جوائز، وسنزيد بحول الله من فاعلية مشاركاتنا التي نهدف من ورائها للاستفادة من تجارب الآخرين، والاطلاع على إبداعاتهم، ونقل خبراتهم لنا، كما أننا نهدف بحرص من المشاركة في تلك المهرجانات لتقديم خبراتنا وتجاربنا لمن يشاركنا الاهتمام في الزراعة، لنرتقي سويا، ونشارك معا، في تحسين وتجويد الزراعة في منطقتنا، لتكون رافدا مؤثرا ضمن روافد بناء هذا الوطن العظيم.

– ما نصيحتك لأصحاب المزارع بوجه عام؟
كل شئ بالأمل إلا الزرعة بالعمل.

– بماذا تريد أن تختم هذا اللقاء؟
أريد أن أختم بالشكر لصحيفة “مكة” الإلكترونية لتميزها في نقل الخبر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى