همس الحقيقة
عقب هزيمة نادي النصر برباعية من منافسه التقليدي نادي الهلال وخسارته لبطولة السوبر، واجه كابتن النصر “رونالدو” في أكثر من منبر إعلامي، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي آراء نقدية حادة تستنكر بشدة رفضه وامتناعه عن الصعود مع زملائه للمنصة، واستلام الميداليات الفضية بعد تحقيق الفريق المركز الثاني في كأس السوبر السعودي؛ مطالبة هذه الأصوات لجنة الانضباط بمعاقبته حسب النظام.
-لن أدخل في نوايا المنتقدين لسلوك هذا النجم الكبير بقدر ما أريد الغوص في أعماق السبب الحقيقي الذي يدعو “رونالدو” إلى ممارسة هذا “التمرد” الذي بات جزءًا واضحًا من تركيبة شخصيته؛ فلربما توجد عوامل نفسية “سيكولوجية” كان لها أثرها البالغ في إصراره على إظهار نفسه بهذه الصورة الخارجة عن مبادئ الروح الرياضية والخُلق السوي، وهو الذي من المفروض أن يكون نموذجًا يقتدى به وسفيرًا لكل ما هو “جميل” في لعبة كرة القدم كجمال لعبه وأهدافه .
-من وجهة نظري لا يصل الإنسان لمرحلة “التمرد” إلا إذا تمكن منه مرض “الغرور”؛ حيث يعتد كثيرًا بنجوميته الطاغية فيجد الآخرين وكل من حوله “أقل” منه، وهو الأفضل على الإطلاق، وهذه حالة لها علاقة أيضًا بمرض “العظمة” التي أظن أنها واحدة من الأعراض التي يُعاني منها الدون.
-وربما أن “رونالدو” بعدما شارف سنه على الأربعين وحالة الضعف التي يشعر بها، وعدم قدرته البدنية واللياقية على أن يكون له حضوره الأفضل في الملعب؛ فهذا الشعور أثّر على سلوكياته وفلتان أعصابه أو أنه يلجأ إليها من باب “الشو” وتمثيلية يجيدها مع كل خسارة مباراة أو بطولة أو صافرة حكم، وبالتالي استخدمها كلعبة يستفيد منها وناديه أيضًا كـ”تعويض” نفسي إضافة إلى إشغال الجماهير النصراوية والإعلام بصفة عامة بحادثة السلوك المشين الذي بدر منه؛ ليصبح التركيز خارج إطار مناقشة الفرص الضائعة والعدد الكبير من حالات التسلل التي يقع فيها في كل مباراة ومسببات الهزيمة التي من المؤكد سوف تنصب عليه وعلى صديقه كاسترو، ومن ثم يلجأ لمثل هذه الأساليب “الملتوية” لعلها تنجح في مبتغاها .
-ثالث صفات هذا “المتمرد” أنه لاعب يكره الهزيمة بشدة وبدون وعي منه يفقد أعصابه؛ فيقدم على سلوكيات فيها أحيانًا من “البذاءة” سواء من خلال محاولة “التمثيل” على الحكام بإظهار صورة “الغضب” من قراراتهم أو عبر حركات “اللا أخلاقية” يقدم عليها أمام أو ضد الجمهور المستفز له، وهذه الصور شاهدناها كثيرًا ونادرًا ما يخرج من الملعب دون مشاهدة موهبة “التمثيل” التي يتمتع بها مع بداية مؤشرات هزيمة فريقه، وهو يذكرنا باللاعب الكبير حسين عبد الغني عند بعض الهزائم نرى له مشكلة مع لاعب النادي الفائز لنفس السبب، عدم قدرته السيطرة على أعصابه في حالة تعرّض فريقه للهزيمة، وقد اعترف بنفسه في برنامح “كورة” علنًا.
-بقي سبب ليس له علاقة بصفات شخصية لاعب “متمرد” وهو أن اللاعب وجد نفسه يحظى باهتمام كبير من قبل بعض المسؤولين، وبدلًا من أن تكون ردة فعله التقدير أصبح غير “مبالٍ” ظنًا منه واعتقادًا أنه سيحظى بالتعاطف معه على كافة الأصعدة، ولعل تكرار هذه السلوكيات مرارًا وتكرارًا دليل قاطع وتأكيد على عدم المبالاة .
-لهذا وفقًا لهذه الحقائق بما فيها من دلائل ثابتة حول شخصية هذا النجم الأسطوري؛ فلماذا نوجّه له انتقادات حادة متضمنة لغة “الملامة”؛ فهو بصراحة من وجهة نظري “ما يتلام” في ظل التغاضي عن سلوكياته وعدم معاقبته بالنظام حتى “بكائه” التمسنا له العُذر، وفرشنا له الكلمات المنمقة احتفاءً بلاعب رغم كبر سنه إلا مازال “شغوفًا” بكرة القدم.. فلماذا هذا التناقض؟!