المقالات

“حافظ” و”شوقي”!!

تعاصر الشاعران أحمد شوقي أشهر شعراء العربية في العصور الحديثة، يُلقب بـ”أمير الشعراء”، وحافظ إبراهيم الذائع الصيت، كان يُلقب بـ”شاعر النيل”، كانوا مرتبطين ببعضهما بطريقة غير عادية،؛ فقد أثروا اللغة العربية، وأمتعانا بشعرهما الرائع.
في كتابه الشهير بعنوان: “حافظ وشوقي”.
يحكي “طه حسين” عميد الأدب العربي، عن لقاء ضمه وأستاذ الجيل الأديب “أحمد لطفي السيد”، الذي وصفه الأديب والفيلسوف المصري الكبير الأستاذ “عباس محمود العقاد”، ذات يوم بأنه “بحق أفلاطون الأدب العربي”، قال أستاذ الجيل: “لقد خدعني حافظ إبراهيم عن نفسه، كما خدعني أحمد شوقي عنها، كنت ألقى حافظ أول عهده بالشعر، وكان يسمعني كثيرًا من شعره، فلا يعجبني، فقلت له ذات يوم: أرح نفسك من هذا العناء، فلم يخلقك الله لتكون شاعرًا، ولكنه لم يقبل نصحي، وحسنًا فعل، فمازال يجد ويكدح، حتى أرغم الشعر على أن يذعن له، وأصبح شاعرًا، وكنت شديد الإعجاب بشعر شوقي، أقرؤه في لذة تكاد تشبه الفتنة، وأثني عليه كلما لقيته، فمازال شوقي يكسل، ويقصر، في تعهد شعره، حتى ساء ظني بشعره الأخير”.

جمعت بين الشاعرين شوقي وحافظ المحبة والمنافسة الشعرية معًا، ويبدو أن النقاد قد وضعوهما في هذه المنافسة، لكن علامات المحبة بينهما تتجلّى في النوادر التي تروى عنهما، فقد داعب حافظ «شوقي» قائلًا: “
يقولون إن الشوق نار ولوعة فما بال (شوقي) أصبح اليوم باردًا»
ورد عليه شوقي ردًا غليظًا حين قال:
«أودعت كلبًا وإنسانًا وديعة فضيعها الإنسان والكلب (حافظ)» لكن شوقي هو الذي قال أيضًا: يا حافظ الفصحى وحارس مجدها ‏ وإمام من نجبت من البلغاء”.

وهذا لا يعني أن العلاقة بين الشاعرين كانت تسير على هذا النحو، فقد كتب حافظ يومًا قصيدة لشوقي معتذرًا فيها عن عدم تمكنه من حضور مناسبة لشوقي في داره المسمى كرمة بن هانئ؛ جاء فيها:
يا سيدي وإمامي ويا أديب الزمان
‏ قد عاقني سوء حظي عن حفلة المهرجان
وكنت أول ساع إلى رحاب “ابن هانئ”
لكن مرضت لنحسي ‏ في يوم ذاك القران
‏ وقد كفاني عقابًا ما كان من حرماني
حُرمت رؤية “شوقي” ولثم تلك البنان‏
فاصفح فأنت خليق بالصفح عن كل جاني.

وكان حافظ إبراهيم من الأريحية على النحو الذي دعا فيه لمبايعة أحمد شوقي أميرًا للشعراء العرب، في احتفال عام عقد خصيصًا لهذه المناسبة عام 1927م، ومما قاله حافظ: “أمير القوافي قد أتيت مبايعًا وهذي وفود الشرق قد بايعت معي”.
توفي حافظ إبراهيم في عام 1932م، قبل وفاة أمير الشعراء أحمد شوقي بثلاثة أشهر؛ وعندما بلغ أحمد شوقي نبأ وفاة حافظ إبراهيم ، قال:
“قد كنت أوثر أن تقول رثائي يا منصف الموتى من الأحياء
لكن سبقت وكل طول سلامة قدر وكل منية بقضاء
الحق نادي فاستجبت ولم تزل بالحق تحفل عند كل نداء”.

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى