المقالات

محمد نور لن يعتزل

محمد نور هو أجود من يُحضن على كرة القدم، ولا يجاريه في ذلك أحد. فالتحضين والتشبث بالكرة ماركة مسجلة لنور، وهذه أحسبها ليست فقط مسألة فنية كروية، ولكنها أيضًا تعبّر وإن تلقائيًا عن شخصية نور التي تعشق خاصية حب التنافس والتحدي حتى مع الذات.
حاولت أجاريه وأحضّن على الحروف، ولكن أيضًا في ميدان الحروف هناك فوارس يفوقونني من حيث القدرات والخبرات. لا أذكر أني لامست كرة القدم إلا عندما تخرجت ضابطًا؛ فكنت أذهب إلى ملعب الاتحاد للفرجة وأحيانًا أقوم بركل الكرة لأجل لو حلفت أني شاركت في تمرين النادي أكون صادقًا، وأزيدكم من الشعر شقة صغيرة. فقد كنت حكمًا وتركت التحكيم لأني شعرت أني أضغط الاتحاد بمحرك ذاتي في نفسي؛ خشية أن أقسو على النادي الذي أعشقه.

نعود لنور وهو عنوان المقال ويستحقه؛ فحكاية التحضين هذه تدور في مخيخي ووصلت إليَّ فكرة وهي يا نور أنت تحضن على الكرة، وأنا أحضن على الحرف. وهكذا فالنتيجة تعادل. ويادار ما دخلك شر. على كل حال لو فرضًا طلبت من نور أن يحضن على الحروف أتخيله يناظرني بنصف عين، ويقول لي بأسلوبه البسيط الظريف أنت أشبك بتمزح معايا وإلا كيف. أنا خذ مني كلام لاعب حريف عن كرة القدم، والذي منه مع الشنيف. أما الكتابة وشغل الصحافة حقتكم هذي مالي فيها. أنت سامع. فأرد عليه سامع يا نور وعليك نور.

محمد نور إذا كانت كلمة أسطورة ذات حقيقة وقيمة، وتعني الشيء الفاخر الممتنع كما يشار إليها فمحمد من أضخمها وأصدقها. فتاريخه الكروي لا يجهله ممن له اهتمام بالشأن الرياضي حتى من المنافسين فهم يذكرونه رغم أنه في عدة جولات قلب طاولة النتائج، وكان هو الفارس الأبرز الذي صنع وسدد وسجل، وبرغم ذلك فهم يحبون نور؛ لأنه رغم تحديه فهو رجل صادق وينطبق عليه المثل: (الذي في قلبه على لسانه).

نور ذكر في المقابلة مع العزير محمد البكيري عني بعضًا من الذي في قلبه على لسانه، وكانت عبارات في نفسي لها معنى. الأوفياء يا نور لا ينسون وأنت منهم؛ إشارة إلى واقعة تجديد عقده التي ذكرها سأضيف لها تفصيلًا بسيطًا.
جاء وقت تجديد عقد نور؛ وذلك في فترة إشرافي على النادي ودعوته إلى منزلي، ووقع الأوراق قبل حتى ما يستلم المبلغ. ثم سلمته أربعمائة ألف ريال فأخذها ورأيت في قسمات وجهه رضا لم يكتمل. فأحضرت مائة ألف أخرى وقدمتها له. ثم قلت يا نور. ترى الأوراق التي وقعتها هاهي والمهم قناعتك إذا لم ترتح لتوقيعها اعتبرها لم تحصل والخيار لك. فقال أنا يا أبو محمد اتحادي. وأنت ما قصرت، والاتحاد هو عشقي ولن أتركه مهما كان.
كثير من مشاهير الكرة تنطبق عليهم عبارة خرج ولم يعد فهم لا حس ولا خبر، ولكن نور أبى إلا أن يكون حيًا في الذاكرة الرياضية. فهو دائم الحضور في المحافل الرياضية وبالذات الاتحادية. ويتواجد في النادي وفي الملعب لدعم الفريق. أيضًا هو محلل كروي له حضور وقبول. كما لديه أكاديمية كروية ينتسب إليها ثلة من شباب الوطن تنمي قدراتهم، وفي نفس الوقت قد يكونون مشاريع لاعبين للأندية ومن ثم للمنتخب الوطني.
هناك جانب إنساني لنور؛ فهو لا يدخر جهدًا في مساعدة من وصلت إليه حاجته بل ويسعى إليهم قبل حاجتهم.
نور لن يعتزل فعناصر حياته لا تقبل إلا أن يكون لاعبًا فاعلًا في الميدان. نور بتاريخه الغني بالإنجازات وتفاصيل حياته المتنوعة سيظل ذكرى جميلة في المشهد الرياضي.

أخيرًا محمد قد يخبئ مفاجأة في حفل اعتزاله وهي أن “مقولة الدهن في العتاقي”..”ما تخرش المية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى