آراء متعددةالثقافيةالمحلية

«العدواني» يعلق على «حياة الماعز»: مغالطات عديدة في الفيلم والرواية.. وغياب للسيطرة على مفاصل الكتابة

نشر الدكتور معجب العدواني، أستاذ النقد والنظرية، تعليقا على فيلم «حياة الماعز»، موضحا أنه بعد مشاهدته اقتنع أن السينما الهندية لا يمكن أن تتخلص من الاعتماد على الصدفة والمبالغة والتكرارية.

وقال «العدواني» في تعليقه: “قرأت العمل بوصفه رواية، واطلعت عليه فيلما، وأجد أن من المهم أن يصنفا، وفقًا للأحداث، في روايات الجريمة وأفلامها؛ تحديدًا الاختطاف والتعذيب؛ لكون الرواية والفيلم معًا يخضعان للفكرة الآخرية المؤمنة بالاختطاف من المطارات، واستهداف الآخرين فيها، وفي هذا البعد يصعب تصنيفهما في إطار السيرة الذاتية ولو رُوِّج لهما بذلك، بهدف الإساءة”.

واستكمل: “تبعًا لذلك ألا يحق لنا التساؤل: هل يمكن عدّ الولايات المتحدة الأمريكية دولة اختطاف وتعذيب؛ لأننا نشاهد ما يجري فيها من جرائم متواترة وموثقة في قناة التحقيقات الشهيرة ID؟”

وأوضح أنه ليس للكفيل الحقيقي أي دور ملحوظ في الفيلم ولا في الرواية!، سوى بعض المبالغات في الجزء الأول من الرواية، وما يقابلها في الجزء الأخير من الفيلم.

وتابع: “ما نلاحظه هو وجود اختطاف من شخص مزيف مخادع، يدعي أنه كفيله، ومسافر نجح في هز رأسه حتى اختُطف من المطار، بلا مقاومة، ووصل إلى منطقة صحراوية، للعمل راعيًا فيها، ينبئ حضور المصطلح عن رغبات دفينة في التعامل مع الإثارة، بإضافات ومغالاة لم تُعهد في التعامل مع العمالة”.

‏وأشار أستاذ النقد والنظرية، إلى ظهور بعض الفجوات في الفيلم والرواية، ومنها: “كيف تصل سيارات أصحاب الأغنام والمياه والأعلاف وجز الصوف وغيرها إلى مناطق صحراوية بعيدة جدا عن العمران؟، وكيف لها أن ترسم خطًا واحدًا على الأرض دون أن يهتدي بها الرعاة حين هروبهم؟! وهو ما كان في الرواية واضحًا، وغاب في الفيلم، ثم أين اختفى الصومالي إبراهيم قادري؟، وكيف فوجئنا به قبل ذلك؟، حيث كان يقود الهنديين في الطريق، وكيف تحول حضوره إلى معجزة، وغيابه إلى كرامة!؟”.

‏واستطرد: “تتبادل الرواية والفيلم ظاهرتين، هما: المبالغة والصدفة؛ إذ تلعب الصدفة، كعادة الأفلام الهندية، لعبتها فنجيب يلتقي صديقه عبدالحكيم صدفة، ويكتشف جثمان زميله في العمل صدفة، وينجو من النسور، في إضافة سينمائية، صدفة، ويجد الطريق صدفة بعد أن تدحرجت عبوة المياه الفارغة، وأخبره صوت ارتطامها بالأسفلت صدفة، ويلتقي المختطف بخاطفه في سجن الجوازات صدفة، ويعلن للشرطة أنه ليس كفيله صدفة، ولايزال نجيب يشكك في قوله وفي قول نسيبه في شأن وظيفة عقده؛ لإصراره على مسألة الكفيل”.


‏وأضاف: “خلافًا لما يُشاع في أن العمل سيرة ذاتية، يبدو لي أن الروائي ليست له علاقة شخصية بالأحداث، وأنه لم يعش في الرياض أو بالقرب منها؛ إذ غاب سرده عن رواية تفاصيل متوخاة لدعم ما أراد، فجاءت أدلته مضادة له، ويتبين ذلك من خلال بعض الحالات، ومنها: حين تظهر سيارة الإنقاذ الرولز رويس الفارهة على طريق غير رئيسي، تظهر فيها شاشات المقاعد الخلفية (الآيباد)، التي لم تكن موجودة عام 1995م في السيارات”.

واستكمل: “يفترض أن زمن الفيلم في حقبة ما قبل الهاتف الجوال في السعودية، ويستعيد لنا ذلك السؤال العجيب في الرواية من أحد موظفي المطار لنجيب عن رقم جوال الكفيل، وكان ذلك، وفقا لسارد الرواية، في عام 1992م، بينما دخلت خدمة الجوال عمليًا في 1995 م، فكيف يسأله عن رقم هاتف لم تنتشر شبكاته بعد!”.

‏وأوضح أنه خلال الرواية كان يعتقد السارد بوجود نوعين من الجِمال في حظيرة الجمال التي كان فيها، ومن ذلك قوله: “والجمال نوعان، نوع ذو سنام واحد، وآخر ذو سنامين، ولكل منهما رائحة خاصة” ص ١١٦، فهل يجهل الراعي نوع الجمال التي يرعاها؟، كما لم ينجح السارد في تحديد ساعات اليوم في الصيف والشتاء؛ إذ لم تكن دقيقة أبدًا، وهي مواقيت بدت صالحة لجنوب بريطانيا لا قلب الجزيرة العربية: “تطلع الشمس عند الساعة الثالثة صباحا ولا تغرب إلا مع الثامنة مساء، وأما في الشتاء فتكاد الشمس تتأخر في طلوعها حتى الساعة التاسعة في الصباح” ص ١٢٥.

وواصل ذكر بعض الأمور المتناقضة بين الرواية والفيلم، قائلا: “بشاعة بعض السلوكيات التي ترتكبها شخصيته الرئيسية (نجيب)، وبُعدها عن الإنسانية التي يتغنى بها، وتظهر تصريحًا في الرواية من السارد، وتلميحًا في (الفيلم)، مثل: البهيمية zoophilia المتجلية في مضاجعة الماعز في ص ١٤٨، ومن ذلك بعض التصرفات المقززة: “أدخلت العود في شروج النعاج” ص ١٥٧، وكذلك إضافة الأفعال الممجوجة وغير المقبولة، من أجل استدرار العطف، وبعضها لو حدثت لإنسان لمات فورًا، مثل: “وكان أرباب [كفيل] عبدالحكيم يدخل حديدًا في دبره” ص ١٤٨، فضلا عن المبالغة في وصف مشهد الثعابين ص ١٧٨ التي تقارب ألفًا، وأكثر من ذلك نجاتهم منها، كيف ينجو من يقع بين مئات الثعابين من لدغها؟”.

‏وذكر الدكتور معجب العدواني، أن الفيلم يتكون من ثلاثة مشاهد رئيسية، الأول: مشهد المطار، ويكون طابع الغباء الفطري مهيمنًا على شخصيتي (نجيب) و(حكيم)، والثاني: مشهد مراعي الأغنام والإبل وهو مكرر ورتيب، وربما كان دور الماعز أكثر أهمية من أدوار الشخصيات فيه، بينما المشهد الرئيسي الثالث: مشهد الهروب، والبحث عن الطريق مخالف لما في الرواية ص ١٦٧، وهو المشهد الأكثر مللًا، والأكثر تكرارية في الفيلم، كيف لمن ينوي قطع الصحراء أن يهرب دون تزويد نفسه بما يكفي من طعام وماء؟”


‏وأشار التعليق النقدي إلى أن الفيلم ينتهي بعبارة “إنه حزن الآلاف الذين فقدوا حياتهم في الصحراء”، وهذه مغالطة سخيفة يكشفها كل منصف؛ لكونها تعبر عن رغبة في المبالغة المعتادة بأرقام خيالية.

‏واختتم الدكتور معجب العدواني تعليقه قائلا: “يقارب زمن عرض الفيلم ثلاث ساعات، كان يمكن اختصار أحداثه إلى النصف، وعدد صفحات الرواية مترجمة 217، وكان من الممكن اختصار التكرارات التي تكثر فيها، ومن أمثلة ذلك التكرار في الرواية، تكرار بعض العبارات، مثل: “كأني مصاب بداء الفيل”، والحديث عن الرائحة التي لم يتقبلها! ونوع الطعام المتكرر! وتركيز الرواية والفيلم على ذلك التغيير الكبير الذي حدث في لون بشرة نجيب إلى اللون الأسود!، كما أكدت تحولات الرواية من رواية جريمة إلى عجائبية إلى سياسية ضعف السيطرة على مفاصل الكتابة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com