أسبوع مر على انطلاق العام الدراسي الجديد، والذي دائما ما يحمل مشاعر مختلفة في كل عام، مع اختلاف المراحل الدراسية، والتطور على المستوى العلمي عام بعد الآخر.
وحرصت “مكة” على مقابلة الدكتور سعود بن صالح المصيبيح، مدير عام الإعلام التربوي في وزارة التعليم، والمستشار الأمني السابق في مكتب وزير الداخلية، لمعرفة ذكرياته مع مرحلة الدراسة، والتعرف على الفرق بين التعليم في الماضي والحاضر
* ما مشاعرك عند بداية التحاقك بالمدرسة؟
– مشاعري لا تنسى، فقد أخذني والدي -رحمه الله- وإخوتي إلى الوحدة الصحية في الرياض، لإجراء الفحص الطبي ثم إلى المدرسة الابتدائية، وكنت قد انتقلت من بيت والدتي وأهلها، حيث عشت في حي العطايف بالرياض من السنة الأولى من عمري وحتى السادسة، نتيجة انفصال الوالد عن الوالدة.
كان تسجيلي في المدرسة وانتقالي من بيت الوالدة إلى بيت الوالد معاناة وتجربة مؤثرة، هونتها زوجة والدي -رحمها الله- أم عبدالعزيز، حيث كانت نِعم الوالدة ووجود أخوتي الكبار ومنهم الأخ عبدالرحمن -رحمه الله-، حيث الانتقال من حي العطايف إلى حي دخنه، كأنه انتقال إلى مكان آخر، وكانت الرياض لا تزال صغيرة ومتباعدة في بعض الأحياء.
* متى كانت تلك البداية؟
– كان ذلك في عام 1387 هـ، الموافق 1967 م.
* ماذا تتذكر من تلك الفترة بمراحلها المتعددة “ابتدائي ومتوسط وثانوي وجامعي”؟
– أتذكر معلم الفصل الأستاذ حسن من السودان الشقيق، فقد كان حنونا طيبا متميزا في تعليمه، صبورا مع جميع الطلاب، وكانت المدرسة تسمى مدرسة جبرة في حي جبرة بالقرب من مسجد العيد الكبير.
ثم تم تبديل الاسم إلى مدرسة سعيد بن جبير، وكانت مدرسة حديثة آنذاك بفصولها وساحاتها، وطبيعة بعض معلميها الوافدين، حيث الشدة والضرب، ومقولة “لكم اللحم ولنا العظام”، حيث كان يقولها بعض الآباء لإعطاء المدرسة الثقة في التربية والتعليم، وكان أسلوبا منفرا لعدد من الطلاب وسببا لتسربهم من التعليم نتيجة قسوة بعض المعلمين.
بعدها انتقلت إلى معهد إمام الدعوة العلمي في نفس الحي، ودرست فيه ست سنوات بالمرحلتين المتوسطة والثانوية، وكان يركز على الكتب الدينية واللغة العربية والفرائض ومصطلح الحديث فقط، ثم دخلت مواد الحساب والجبر، وكانت مرحلة جديدة ومختلفة، ثم جامعة الإمام في بداية تأسيسها، وأتذكر أن المعاهد العلمية كانت تعطي الطالب 210 ريال مكافأة شهرية، وكانت تساعد الأسر لأن التعليم ديني والحصول على مكافأة أمر محفز.
* ما الفرق بين التعليم اليوم والأمس من خلال المباني والمناهج والمعلمين؟
– التعليم في الماضي كان أجود وأكثر حزما وانضباطا، وكان المعلم حريص على إجادة الطالب للمهارات والتركيز على إتقان القراءة والكتابة والمواد اللغوية والعلمية، مع الاهتمام بالأنشطة والبرامج الاجتماعية، أما المباني فكانت غالبيتها مستأجرة لكن تفي بالغرض لجودة المعلم وحرصه، وكذلك المناهج والمقررات كانت جيدة وذات محتوى متميز.
* حدثنا عن ثلاثة مواقف عالقة في ذهنك خلال رحلتك الدراسية من الابتدائية حتى آخر محطة لك؟
– أتذكر موقف في المرحلة الابتدائية بمشاهدة الطلاب المقصرين يدورون في ساحة المدرسة، ويشاهدهم جميع الطلاب من نوافذ الفصول بعد ضربهم بـ”الفلكة”، وكان هذا أسوأ ما في تلك المرحلة، كما أتذكر المسرح المدرسي، حيث ذكرني قبل عام زميل في تلك المدرسة بأنني كنت أغني في حفلات المدرسة، وقال كأني أشاهدك وعليك جاكيت مخطط وتغني في سلم الطائرة وخلفك طلاب كبار يعزفون العود والناي والطبلة قبل موجة التشدد والتطرف.
وفي المرحلة المتوسطة والثانوية أتذكر دخول المعلمين الوافدين للمعاهد العلمية، وكان أغلبهم من دول عربية، وكان يفرض عليهم لبس الثياب وإعفاء اللحية، وكانوا يصرحون لنا كطلاب بعدم رضاهم عن ذلك.
* حدثنا عن دور الأسرة في تحصيلك العلمي؟
– كان الوالد -رحمه الله- والوالدة -أطال الله عمرها- مشجعين وداعمين للتعليم، كما كان أخي عبدالرحمن -رحمه الله- يبذل جهدا كبيرا في المتابعة والحرص على التعليم.
* ما أبرز أنشطتك في التعليم العام والجامعي؟
– أستطيع أن أقول إنني نشيط في الأنشطة الصيفية، وواكبت مرحلة دخول المسرح والرياضة في جامعة الإمام، وكانت مرحلة جديدة ومحل رفض من الكليات الشرعية، وكنت منسق لكلية العلوم الاجتماعية للنشاط الاجتماعي والرياضي، وتعطيني عمادة شؤون الطلاب مكافأة شهرية قدرها ألف ريال، وشاركنا في دوري الجامعات، وكان شيئا جديدا وممتعا رغم الرفض والتحديات.
* ما الكلمة التي توجهها لجيل اليوم؟
– أذكر الأبناء من الطلاب والمعلمين بضرورة الحرص والانضباط، إذ يزعجني التراخي والسهر وعدم الجدية أحيانا، والغياب عن المدرسة أو التأخر، لذا ينبغي مواكبة التطور والطموح الذي تحرص عليه المملكة بالجدية والعمل المثابر من بداية العام الدراسي، بالنسبة للمديرين والمعلمين والطلاب وأولياء الأمور.