تتوجه المُماحكات البغيضة نحو التصعيد وصناعة الخلافات المتكلفة، حين يرصد الآخر مسيرة الخصم، وتاريخه، وواقعه، غَيْرةً وحسدًا ومكيدة، ليدبر له كل ما ثقل وخف حمله من المكائد، بغية تسجيل مواقف عدائية ضده، لا تمحى من الذاكرة، وعلى فلك الإعلام المؤدلج والمؤطر، تدور حرب الإعلام المصورة الفاجرة، متجسدة في روايات، وقصص، وحملات متنوعة منسقة، واحتل الفيلم السينمائي مكان الصدارة في هذه الحرب الضروس، وعلى هامشها قامت صناعات ضخمة من الدعايات الصاخبة من الأكاذيب، ذهب ضحيتها عقول السذج والبسطاء وتصوراتهم والتابعين لكل ناعق، وتعددت مساربها واتجاهاتها من الإبداع العلمي والسمو الأدبي حينًا، إلى الإسفاف الأخلاقي والإباحي أحيانًا كثيرة، وتبقى السياسة والأيديولوجيا الموجهة وتصفية الحسابات سيدة الموقف بين ذلك كله، مؤطرة بالحبكة الفنية، والسيناريو الموجه، والإخراج المحترف، وتواجه المملكة العربية السعودية عبر تاريخها، حروبًا ومؤامرات سياسية، وأمنية، وفكرية، وإعلامية، واقتصادية.. إلخ، وأخذ الجانب الإعلامي نصيب الأسد من هذه الحرب الشريرة الطاحنة التي ما تلبث أن تهدأ إلا لتعود من جديد أشد وأنكى خبثًا وشرًا، والتي تخرج منها المملكة -بفضل الله- منتصرة دومًا كما قال تعالى (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذَهَبُ جُفَاءً وأَمَّا مَايَنفَعُ فَيَمْكُثُ في الأّرْضِ) سورة الرعد آية ١٧.
ويضيق المقام في استعراض الحروب الإعلامية الموجهه ضد المملكة عبر تاريخها، وأخيرًا وليس آخرًا، ذلكم الفيلم الدعائي الموجه ضد المملكة، والذي موله، ومثله، وأخرجه ذوو القربى على وفق محاكاة الشاعر العربي.
وظلم ذوي القربي أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهند
وهذا ما صاغه وأوحاه وعبّر عنه فيلم «حياة الماعز» محاولًا ومشوهًا نظام الكفيل، والعمل، والعمال في المملكة العربية السعودية، دون التفات لنصف الكأس الآخر، وسماع وجهة النظر السعودية وإصلاحاتها المستمرة في كل ما يُثار حول هذا الموضوع، فطار فَرْحًا بهذا الفيلم المناوئون، والأعداء، والشامتونَ، والحاقدون على المملكة، ومنهجها، وقيادتها وشعبها متناسين فضل المملكة في استيعاب ملايين العمال، والذي بلغت تحويلاتهم السنوية عشرات المليارات من العملات المختلفة، والتي ساهمت في تنمية بلدانهم ورقيها ، وأحسب أن أحداث هذا الفيلم الذي لم تجرِ أحداثه على أرض الواقع، بالقدر الذي حكاه وصوره سيناريو الفيلم، إلا في مخيلة مؤلفه، ومخرجه، ومموليه، وممثليه، والذي كان أقرب إلى صناعة الخيال المبرمج منه إلى الحقيقة المجردة، والذي لم يلامس الحقيقة والواقع بصلة، بقدر ما طابق مضمونه عنوانه مما يمكن تسميته بفيلم «الماعز الإلكترون»، وإلى منتج الفيلم، ومموله، ومخرجه، وممثليه أهدي هذه الأبيات:
تَفَتَّقَ الذِّهْنُ عن إبرامِ مُوبِقةٍ
وصاغَها من ذَوي الإجرامِ شِرِّيرُ
وشَوَّه الجُودَ في تصويرِ مُعْضِلَةٍ
وحاربَ الحَقَّ بالتَّزييفِ تَمْريرُ
وأنفَقَ المالَ إيقاعًا بذي رَحِمٍ
لِنَشرِ مَينٍ خبيثِ المَكْرِ تَبريرُ
وصَاغَ فِلْمًا من الأَوهامِ مَنْطِقُهُ
وأَكَّدَ الشرَّ بالتصويرِ تَغْريرُ
ولَمْ يُراعِ من التَّحقيقِ منزلةً
وباشرَ الخُبثَ بالتَنظيرِ تَحْويرُ
وشَابَه العنزَ تثغي في حَضَائرِها
وحَسْبُهُ مِنْ صِفاتِ العُجْمِ تَنكيرُ
خَيَالُ شَرٍّ مِنَ التَّدْبيرِ مَقْصِدُهُ
تَشْوِيهُ فَضْلٍ مِنَ الخَيْراتِ تَشْهيرُ
صِهْيونُ عُرْبٍ أبى إلا مُكَايدةً
في كُلِّ اتجاهٍ لهُ سُوءٌ وتَدْبيرُ
خُبْثُ العقيدةِ سَارَتْ في مُمَثِّلِهِ
كَسُمِّ أفعى فَحِيحِ الوَقْعِ تَصويرُ
وضَجَّ حِقدٌ مِنَ الأشرارِ مَوقِعُهُ
فسادُ قَلبٍ مِنَ الأُوْضارِ تَفْسيرُ
ماضَرَّ نجمًا سَرى طابتْ مَنازِلُهُ
لِنبحِ كَلْبِ من الأوباشِ تَكْثيِرُ