المقالات

التقليد والتقاليد

المجتمعات التقليدية تُحافظ على أصالتها بمعاصرة مرنة تساير عاداتها وتقاليدها، ومن الأصالة التعامل بحذر مع التقليد للسلوك المزوّر الذي يتعامل بازدواجية للسلوك الظاهر والباطن، ومنها يأتي حرصنا على استخدام البضائع والسلع الأصلية والبُعد عن شراء السلع المقلدة التي تستنزف الأموال ولا تقدم خدمات فاعلة، بل ينتج عن استخدامها كوارث في المجتمعات التي تستخدمها، وتضر الاقتصاد الوطني للدول.
وتأتي البضائع المقلدة من خلال الاستيراد لها من الدول المصنعة لها تقليدًا للبضائع الأصلية، وهي بضائع مقلدة للمنتجات يتم تصنيعها وتوزيعها بطريقة غير قانونية، لتقليدها العلامات التجارية بشكل مشابه لها وبجودة أقل وسعر أرخص، وتركز على الملابس والأجهزة الإلكترونية والكهربائية، والعطور، وقطع غير السيارات، وغيرها. ولذلك فهي تنتهك حقوق الملكية الفكرية وتؤثر سلبًا على الشركات الأصلية واقتصاد الدول. فالاقتصاد السعودي مثلًا يخسر سنويًا ما يقارب 4 مليارات دولار من البضائع المغشوشة وتخسر الشركات التجارية أضعاف ذلك، و65% من الحرائق فيها بسبب المنتجات الكهربائية المقلدة الرديئة، وما ينتج عنها من حالات الوفاة والأمراض والتأثيرات السلبية والتأثيرات الأخرى السلبية على البيئة، وسبب ذلك يرجع إلى بعض المستوردين الذين أغرقوا السوق بتلك السلع المغشوشة لزيادة أرباحهم، وأن 70% من السلع المقلدة يتم استيرادها من الصين، ونسبة ربح التجار المتعاملين بها ما يقارب 200%.
ومن هذه الأضرار التي خلفها الاستيراد للبضائع المقلدة والمغشوشة، تدهور الجودة بانخفاضها وما ينتج عن ذلك تشويه سمعة العلامات التجارية، تهديد الصحة والسلامة، تقليل الإيرادات للشركات الأصلية، تآكل حقوق الملكية الفكرية، تقليل الاستثمارات الأجنبية، توفير البديل الرخيص للأجهزة الأصلية فيقلل من استهلاكها، وزيادة مخاطر الصيانة لزيادة تكاليفها في المستقبل. هذا بالإضافة إلى أضرار ذلك على الاقتصاد الوطني كتقليل الإيرادات الضريبية، لتفضيل المستهلكين للأجهزة المقلدة وتراجع الطلب على السلع الأصلية، انخفاض مستوى الابتكار والبحث والتطوير، تدهور سمعة العلامة التجارية، ونفور الاستثمارات الأجنبية.
ويمكن للدول الحد من تدفق السلع المقلدة للدول من خلال تشديد الرقابة الجمركية على المنافذ الحدودية، تشديد العقوبات على التجار الذين يقومون بتهريب الأجهزة المقلدة، التوعية العامة لتثقيف المستهلكين حول مخاطر استخدام الأجهزة المقلدة، التعاون الدولي بين الدول لمكافحة تصنيع وتهريب الأجهزة المقلدة، تطبيق القوانين بشكل صارم بعقوبات اقتصادية على ما يعمل على ترويجها بفرض الغرامات المالية، ومصادرة البضائع المقلدة، ووضع العقوبات الجنائية للمتورطين فيها، إلغاء التراخيص التجارية، ومحاصرة بين الأجهزة المقلدة، والتعاون الدولي مع الدول المصنعة للأجهزة المقلدة إلى الدول الأخرى عبر التعاون الدبلوماسي، والتبادل القانوني والقضائي، والتعاون التقني مع الدول المصنعة، والقيام بحملات التوعية الإعلامية للحد من انتشار واستخدام البضائع المقلدة المغشوشة، وتعزيز دور المواطنين للتوقف عن شراء واستهلاك السلع والبضائع المقلدة.

– عضو هيئة تدريس سابق بقسم الإعلام – جامعة أم القرى
مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية

د. فيصل أحمد الشميري

عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام بجامعة أم القرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى