المقالات

رمزية «الماعز» والبقر الهندي!

على الرغم من كثرة وتعدد الديانات في الهند إلا أن البقرة تُعد جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الدينية عندهم بسبب العديد من الأساطير المرتبطة بها؛ حيث يؤمنون بأنها تُمثل الخير الإلهي والطبيعي! وعلى الرغم من كل القداسات العمياء لتلك البقرة العجماء من غالبية الطوائف الهندية الذين يعتقدون أن البقرة أمٌ لملايين الهنود إلا أن الممثل الهندي الذي تقمص شخصية العامل نجيب في فيلم (حياة الماعز) ربما يغير ديانة الشعب الهندي بأكمله بعد أن لمع نجمه بين المعيز، وباتت معظم التيوس تغار منه على دوره الماعزي الذي حوله بين عشية وضحاها إلى بطل قومي للمعيز في قصة خيالية وغير واقعية، تحمل في حبكتها الماعزية مؤامرة تهدف إلى تشويه صورة الشعوب العربية والخليجية، وعلى رأسها الشعب السعودي.

وإذا ما أسقطنا تلك الحبكة الماعزية التي صورتها الدراما الهندية في فيلم (حياة الماعز) على قصة العامل الحقيقية التي تناقلها رواة الأخبار قبل سنوات عديدة؛ فإننا سرعان ما سنكتشف أن تيوس الفيلم قد نسوا أو تناسوا عمدًا النهاية المشرقة والمشرفة التي انتهت بها تلك القصة، والتي بيّنت معدن المواطن السعودي وأصالته وأنه حتى وإن أخطأ أحدهم بأي شكل من الأشكال؛ فإنه لا يمكن أن يقبل الآخرون بوقوع الظلم على أي إنسان يعيش على تراب بلادهم مهما كانت جنسيته أو ديانته، وهي الحقيقة التي أخفاها تيوس الفيلم طوال ساعاته الثلاث في محاولة مسمومة منهم في الربط بين هذه الحبكة الماعزية وبين نظام الكفيل، ليس فقط في المملكة العربية السعودية بل في كافة دول الخليج العربي، وهو ربط مُجحف وغير موضوعي؛ خاصة وأن لحكامنا -حفظهم الله- جهودًا واضحة في رعايتهم للمواطنين والمقيمين على حدٍ سواء وفق سياسة حكيمة ناتجة عن إدراك المسؤولين في هذا البلد المعطاء بأن وجود هذه العمالة الأجنبية يسهم ويساعد في صناعة مستقبل البلاد، فكان من أول اهتماماتهم وضع قوانين تحدد حقوق العاملين وتحميهم كما تحمي حقوق المواطنين.

ومما يُثير الاستغراب حقًا مبالغة مخرج وكاتب سيناريو فيلم المعيز في إظهار قسوة الكفيل السعودي على ذلك الشاب الهندي الذي مرَّ بظروف استثنائية لا يمكن تعميمها على شعب بأكمله، وكل ذلك من أجل خلق حالة‭ ‬من‭ ‬التأثير‭ ‬السلبي‭ ‬والتشويش الذهني على‭ ‬المشاهد،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬ضدّ‭ ‬السعودية‭ ‬وحدها،‭ ‬وإنما‭ ‬ضدّ‭ ‬كل‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين؛ محاولين بغبائهم الدرامي تأليب العالم على أنظمة وقوانين الدول الخليجية والعربية مستغلين تلك الحادثة الفردية التي حصلت قبل حوالي ثلاثين عامًا، والتي يحدث‭ ‬مثلها ‬وأعظم منها ‬‭ ‬من الحوادث‭ ‬والجرائم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بلدان‭ ‬العالم،‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬الهند‭ ‬نفسها‭ ‬وبشكل‭ ‬يومي.‬

وختام القول.. فإن صورة مملكتنا الإيجابية أمام العالم لن تتغيّر بقصة كان أبطالها أشبه بالماعز الذي اتخذوه عنوانًا للفيلم الذي أنتجوه كذبًا وبهتانًا، وجعلوا من تلك‭ ‬الحادثة‬ الفردية نموذجًا‭ ‬لحياة‭ ‬الآلاف‭ ‬من المقيمين على أراضينا ‬من‭ ‬الجالية‭ ‬الهندية،‭ ‬الذين‭ ‬‭ ‬يعيشون‭ ‬بيننا في سلام وهدوء،‭ ‬بل‭ ‬إن منهم‭ ‬كثيرين‭ ‬يعيشون‭ ‬في كافة مدن المملكة حياة‭ ‬مرفهة مع أسرهم،‭ ‬ويحولون شهريًا وسنويًا مئات المليارات إلى ذويهم في الهند دون‭ ‬تعرضهم‭ ‬لأي‭ ‬ظلم‭ ‬أو‭ ‬استعباد،‭ ‬كما‭ ‬صور ذلك‭ ‬القائمون على فيلم المعيز .
وخزة قلم :
من يعبد البقر ويحرق الموتى من البشر، فلا غرابة عليه.. إنْ زوّر التاريخ أو غدر.

عبدالرحمن العامري

تربوي - كاتب صحفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى