المقالات

حين يغيب الفرقدان !

نعم حين يغيب الفرقدان نخلد إلى الوحدة ،نقلّب أوراقاً عتيقة من ذكريات الأزمنة التي تكتظُّ بالمواقف الخالدة ، نجدها تركض في كل أوردة الروح ، وفجأة نشعر باهتزاز عنيف في الاستقرار والاطمئنان الداخلي لحظة انطفاء وهج الأرواح (أب وأم أو أخ وأخت.. الخ) ممن قد نجحف في حقهم حين وجودهم بعدم البوح بحبهم بمكانتهم في توازنات النفس البشرية ، أين نحن من حديث النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: “إذا أحَبَّ الرَّجلُ أَخاه فلْيُخْبِرْه أنَّه يُحبُّه”، فكيف إذا كان المحبوب هنا «الفرقدين».

لماذا نصمت ولا نبوح لهم بمشاعرنا نحوهم؟
عندما كنا صغارا أمطروا آذاننا بعبارات الحب الكبير، وعندما كبرنا سمعنا عبارات الثناء والتقدير، واليوم علينا رد الجميل وأن نبادلهم الحب والثناء والإعجاب وتشعرهم بقدرهم في حياتنا، وبحجم البذل الذي متعونا به دون أن نشعر بقدره ومقداره ، وكأنّ ذلك ينقص من رصيد المشاعر لدينا ! أتلك هي غفلة ؟ أم إنّنا في وجودهم نبحر وسط قوارب هالاتهم الباعثة لاشعاعات الحب والاطمئنان والطيبة فنسهو أم إننا لانعرف قيمة الأحباب إلا حين رحيلهم عنّا للأبد .

آه كم هو مؤلم رحيل أحد الوالدين أو كلاهما ينتابنا شعور بتوهان وضياع بوصلة اتجاهات الأمان الداخلي .. نشعر في أعقاب رحيلهم الأبدي ، وكأنّ سداً منيعاً فاض واجتثّنا من أخمص قدمينا ولفظ بنا للقدر المحتوم .. نصارع دوّامات الحياة وتياراتها المرعبة لحدِّ الانكسار وقس على ذلك فقد الأخ ، فسهم رحيله مازال ناشباً مستقرّاً في سويداء القلب فكيف إذا كان هذا الأخ رفيق الطفولة والصبا ؟! ممن تقاسمت معه حتى الفتات من فرح وترح الحياة ، والطامة الكبرى حين تفقد فرقدي الحياة الجميلة أب وأخ ، وهذا في وقت زمني متقارب الخطا ؛ لتسوّد الدنيا في أعيننا ولا يجلي هذا السواد سوى اليقين الحق بقضاء الله وقدره ؛ فلنغير من فلسفة التعامل ونجود بالثناء على من نحب في حياتهم ؛ لنتقاسم معهم ردة الفعل فرح يحوّل الأرواح الى خمائل مبهجة لماذ نعيش حالة ( اللامفرداتية ) من عدم التعبير عن حبّهم والشوق إليهم في حياتهم حديثاً أو حتى رسالة عبر ذبذبات التواصل المفتوح .

لا مبرر للبعد ولا مبرر للغياب أبداً أبداً ، فالسند لا يبتعد ، والقريب لا يتخلى !!!
كم نحن بخلاء مكابرون لانبوح بعواطفنا إلا بعد مماتهم !!!
تنهيدات القلب ودموع العين حين تكون كل هذه المشاعر الجيّاشة منتهية الصلاحية نفعها الوحيد في
” اذكروا محاسن موتاكم ” !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى