المقالات

ويليام آرثر… المعلم العظيم الذي يُلهمنا!!

يخفى عن الكثير من الناس أهمية المعلم في بناء المجتمع، إنه حجر الأساس لبناء جميع الفئات المجتمعية، فبفضله يكون الطبيب، والمهندس، والاقتصادي، والزراعي ، والسياسي وغيرهم الكثير من الفئات الضرورية لبناء المجتمع.
وعن أهمية المعلم ودوره الكبير في تربية النشء وإعداده، أستشهد هنا بما قاله الكاتب الأمريكي الشهير “ويليام آرثر وارد”: (إن المعلم المتواضع هو الذي يخبرنا، والجيد الذي يشرح لنا، والمتميز الذي يبرهن لنا، أما المعلم العظيم فهو الذي يلهمنا).
والآن اسمحوا لي أن أرجع بكم إلى الوراء .. وتحديدًا إلى عام 1932م، حين أنشد أمير الشعراء “أحمد شوقي” رائعته الذائعة: (قف للمعلم وفه التبجيلا…كاد المعلم أن يكون رسولا)، وذلك في حفل قام به نادي مدرسة المعلمين العُليا بالقاهرة، لما فيها من قيم عُليا تحث على العلم والتعليم، وتعظم وترفع من مكانة المعلم في المجتمع.
استوقفني في هذه القصيدة الرائعة بيتٌ غير ذائعٍ ولا شهير، هو قوله :
يا أرض مُذْ فَقَدَ المعلمُ نفسه … بين الشُّموسِ وبين شرقِكِ حِيْلا
تعجبتُ من هذه الإشارة البلاغية البديعة الجميلة لشوقي، وتساءلتُ: كيف يمكن أن يفقدُ المعلمُ نفسه؟!
ثم .. لماذا إذا فقد المعلمُ نفسه حيل بين البلادِ وبين شمس النمو والحضارة والتقدم؟
هذه (الفكرة المركزيّة) أظنّ أن مجال القول فيها لم ينضب بعد، وأنها منطقةٌ بكرٌ صالحةٌ لكثير من التفسير، والتحليل، والنظر، والتفكير.
فلننظر معًا .. كيف يمكن أن يفقد المعلم نفسه؟
إنّ المعلمَ الحقَّ مزيجٌ من خمسةِ عناصر: دينٌ يعصمُه، وعقلٌ يُكرمُه، وعلمٌ يلهمُه، وأخلاقٌ تقوِّمُه، ومهارةٌ تقدّمُه.
ويفقدُ المعلمُ من نفسه بمقدار ما يفقد من هذه العناصر .. فإذا فقدها كلها فقد نفسه.
وإذا تأمَّلنا ما سبق أدركنا أن (التطرُّف) من أعظم الأسباب التي تُفقد المعلمَ نفسه. سواءً كان تطرفًا لليمين بالغلو في الدين، أو كان تطرفًا إلى اليسار بالانحلالِ والتفلتِ من الدين.
ذلك أن التطرف عدوانٌ على هذه العناصر كلها ..
فالتطرفُ عدوانٌ على الدين لأنّه مخالفةٌ لأوامره ونواهيه .
وعدوان على العقل لأنّه جنوحٌ عن الصواب .
وعدوانٌ على العلم لأنّه قفزٌ فوق النصوصِ الشرعية وكلام الأئمة .
وعدوانٌ على الأخلاقِ لأنّه يُفضي إلى امتهانِ حقوق الآخرين .
وعدوان على المهارةِ لأنّه يجعل صاحبه يطوّع براعته في اجتراح ذلك العدوان .. بل في تبريره أيضًا!
إن المعلم هو الركن الأساسي في العملية التعليمية، إنه المسؤول الأوَّل عن حمل رسالة العلم والمعرفة على عاتقه، حتى يغذي بها عقول النشء، لينهضوا بمجتمعهم، وأمتهم، ويكونوا قدوة حسنة لغيرهم.

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى