“أحمد أمين إبراهيم” ولد وتوفي في القاهرة (1886م-1954م)، أديب ومفكر ومؤرخ وكاتب وأكاديمي مصري مُعاصر، وأحد أهم المثقفين الذين أرسوا قواعد الثقافة العربية الحديثة في النصف الأوَّل من القرن العشرين، وأبرز من دعوا إلى التجديد الحضاري الإسلامي..
تقلّد عمادة كلية الآداب بجامعة القاهرة عام 1939م، وهو صاحب تيار فكري مستقل تمامًا قائم على الوسطية والاعتدال، من أشهر أعماله الأدبية موسوعته: “فجر وضحى وظهر ويوم الإسلام”، وهو والد المفكرين حسين وجلال أمين.
اشتهر بالأبحاث الاجتماعية والأدبية، والمقالات المفيدة، وشارك في تنشيط الأدب برئاسته للجنة التأليف والترجمة والنشر، وكان مديرًا للإدارة الثقافية بوزارة المعارف المصرية وفي جامعة الدول العربية.
له العديد من المؤلفات من أشهرها: “فيض الخاطر” و”الشباب والغرب” و”الصعلكة والفتوة في الإسلام” و”المهدي والمهدوية” و”فجر الإسلام وضحاه” و”كتاب الأخلاق”، الذي يُعتبر مرشدًا للقُراء في حياتهم الأخلاقية، يلفتهم إلى نفوسهم، ويبين لهم أهم نظريات الأخلاق، ويوسع نظرهم فيما يعرض عليهم من الأعمال اليومية، ويشحذ إرادتهم لتأدية الواجب واكتساب الفضيلة.
ومن هذا الكتاب أستشهد هذا النص الذي يتحدث فيه الكاتب عن أهمية الوقت عند الإنسان، وكيفية المحافظة عليه والاستفادة منه.
“الزمن كالمال يجب الاقتصاد فيه وتدبيره وإن كان المال يمكن جمعه وادخاره لوقت الحاجة بخلاف الزمن. إن قيمة الوقت كقيمة المال: كلاهما قيمته في جودة إنفاقه وحسن استعماله. فالبخيل الذي لا ينفق ماله إلا ما يسد رمقهُ فقير كما لو كانت أمواله مزيفة. كذلك من لم يُنفق وقته فيما يزيد من سعادته وسعادة الناس فعمره مزيف.
إننا نعيش في زمن محدود: ليلُ ونهار يتعاقبان بانتظام ليس يطغى أحدهما على الآخر، وحياة مقسمة تقسيمًا محدودًا: صبا، فشباب، فكهولة، فشيخوخة ولكل قسم عمل خاص لا يليق أن يُعمل في غيره، كالزرع إذا فات أوانه لم يَصْح أن يُزرع في غيره، وحياة محدودة، فإذا جاء الأجل فلا مفر من الموت. وما فات من الزمن لا يعود، فالصبا إذا فات فات أبدًا، والشباب إذا مر مر أبدًا، والزمن المفقود لا يعود، وليس للانتفاع بالزمن والمحافظة عليه إلا طريق واحد، هو أن يكون لك غرض في الحياة ترضى عنه الأخلاق فتنظم زمنك للوصول إليه. وإنما يضيع الزمن بأمرين الأول: ألا يكون للإنسان غرض يسعى إليه، والثاني: أن يكون للإنسان غرض محدود لا يخلص لغرضه، فلا يجد للوصول إليه، ولا يعمل ما يتفق معه. إن عدم الغرض وعدم الإخلاص له هما اللصان اللذان يسرقان الزمن ويضيعان فائدته”. انتهى الاقتباس!
0