المقالات

الزوج البديل

تقوم الأسرة على ثلاث ركائز مهمة هي: “الأب والأم والأبناء” هذا إذا نظرنا لها من زاوية الأسرة النووية، أما من مفهوم الأسرة الممتدة فيتسع الأمر ليشمل الجيل السابق للأسرة الحالية، وبحسب التحول الطبيعي بفعل الاقتصاد والتحضر والانتقال من القرى للمدن وكذلك بروز مفاهيم مثل: الاستقلال والحرية وغيرها من المفاهيم التي تقود مجتمعه لتكريس مفهوم الأسرة النووية الصغيرة، ولكل نمط إيجابياته وسلبياته إلا أن الأسرة الصغيرة من منظور النظريات الوظيفية لها خصائص معينة في عملية التفاعل وحل الخلافات وإدارة المشاعر، وإذا نظرنا إلى الأسرة بكونها نظامًا مترابطًا بينه تأثير متبادل يأخذ في كثير من الأحيان شكل الهرم وأطرافه الثلاثة هم الأب والأم والأبناء؛ وعليه في حال حدوث خلاف مستمر بين أقطاب الأسرة ولا يتم الحوار المباشر والصريح واستخدام مهارات حل المشكلات، يحدث فجوة أو فراغ بين الأب والأم، ويبرز هنا مفهوم (الزوج البدل أو الزوجة البديلة)، والمقصود هو لجوء أحد الوالدين إلى أحد الأبناء والاتكاء عليه عاطفيًا وإشراكه في المشكلة والشكوى من الطرف الآخر، وأخذه كشاهد دائم على صحة موقفه ومظلوميته ومع الوقت يتماهى ويزداد الاتكال على هذا الابن المسكين أو الابنة ليحل محل الطرف الآخر ويملأ الفراغ الموجود؛ لأن الطبيعة لا تقبل الفراغ.
وهنا تظهر الكثير من المشكلات والضغوط على هذا الطرف الثالث-الأبناء- وغالبًا ما يكونون في عمر صغير، وبالتالي لا يتملكون مهارات حل المشاكل أو إدارتها مما يؤثر على الأبناء ويخلق لديهم الشعور بالعجز واليأس من التغيير، وقد يجعلهم هذا مستقبلًا -أي في حياتهم الزوجية- إما غير فاعلين ومستسلمين؛ وذلك بسبب انخفاض ثقتهم في أنفسهم أو مدمنين للعمل في محاولة لإرضاء الطرف الآخر وتجنب لومه وغضبه.
وعندما نتأمل مثل هذا النموذج نجد أن كثيرًا منه موجود حولنا أو في أسرنا؛ فكم أشركنا أبناءنا وبناتنا في عمر صغير في مشاكلنا أو طلبنا شهادتهم على حسن سلوكنا وموقفنا غير عابئين أو غير واعين بحجم الضغوط النفسية التي نضعها عليهم والمسؤولية التي تفوق قدراتهم وإمكانياتهم؛ ولذلك لا مفر لنا من الحل الأمثل وهو الحوار المباشر بين الطرفين والاستمرار في ذلك؛ لأن البعض يعتقد أن الحوار هو جلسة واحدة أو حديث عابر نضع فيه النقاط وتحل المشاكل والحقيقة هي العكس؛ فالحوار هو عملية متطورة ومتغيرة بين الزوجين تنمو بالانفتاح العاطفي، وهذا هو النموذج الذي يمكن أن يستفيد منه أبناؤنا في تجاوز صعوبات حياتهم الزوجية المستقبلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى