في الثالث عشر من سبتمبر من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للقانون، لأهمية القانون في تنظيم حياة الأفراد والمجتمعات، وضمان تحقيق العدالة والمساواة بين الجميع. يُمثل هذا اليوم فرصةً للتأكيد على أن القانون هو الركيزة الأساسية لبناء مجتمع متوازن ومستقر؛ حيث يسهم في حماية الحقوق وتنظيم العلاقات وتحديد الواجبات. المملكة العربية السعودية، ووفقًا لرؤيتها الطموحة 2030، وضعت تطوير الأنظمة التشريعية والقانونية ضمن أولوياتها الإستراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة، وبناء مجتمع قائم على العدالة والمساواة.
المملكة العربية السعودية بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظهما الله – شهدت تطورًا ملحوظًا في مجال التشريعات والقوانين خلال السنوات الأخيرة. ويأتي هذا التطور كجزء أساسي من رؤية 2030 التي تهدف إلى تحويل المملكة إلى نموذج عالمي يحتذى به في مختلف المجالات. ارتكزت هذه الرؤية على تطوير البنية التحتية القانونية وتحديث الأنظمة التشريعية لتكون متماشية مع متطلبات العصر الحديث، مع الحفاظ على الثوابت والقيم الإسلامية. من خلال هذا التحديث، تسعى المملكة إلى تعزيز حقوق الأفراد والمجتمع، وضمان حماية حقوق المستثمرين ودعم التحوّل الاقتصادي.
أحد أهم جوانب هذا التطوير هو التركيز على تفعيل سيادة القانون وتحقيق العدالة للجميع. رؤية 2030 تسعى إلى بناء مجتمع قائم على الشفافية والعدل، ولهذا تم إدخال العديد من الإصلاحات القانونية التي تمس جميع نواحي الحياة في المملكة، بدءًا من الأنظمة التجارية والمالية وصولًا إلى قوانين العمل وحقوق الإنسان. هذه الإصلاحات تهدف إلى خلق بيئة قانونية جاذبة للاستثمار وتوفير الحماية القانونية لكل من يُقيم على أرضها وينعم بأمنها.
تعتبر الإصلاحات في النظام القضائي جزءًا محوريًا من رؤية 2030. تعمل المملكة على تطوير القضاء من خلال تحسين البنية التحتية للمحاكم وتحديث الإجراءات القضائية بما يضمن تسريع البت في القضايا، وتخفيف الضغط على المحاكم، وفي هذا السياق، تم إدخال التقنيات الحديثة في النظام القضائي، مثل: الأنظمة الإلكترونية والمحاكم الرقمية، التي تسهم في تسهيل الوصول إلى العدالة وضمان الكفاءة والشفافية في سير القضايا.
كما تلعب رؤية 2030 دورًا حيويًا في تعزيز حقوق الإنسان في المملكة. تم تحديث العديد من القوانين التي تعنى بحقوق المرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة؛ وذلك تماشيًا مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. علاوةً على ذلك، تعززت مكانة المملكة في المحافل الدولية من خلال التزامها بتطبيق القانون وحماية الحقوق، ما يعكس التوجه الإيجابي نحو بناء مجتمع شامل يحترم حقوق الجميع.
من جانب آخر، جاءت مكافحة الفساد في مقدمة الأولويات الوطنية التي تعززها رؤية 2030. حيث تم إنشاء هيئة مكافحة الفساد “نزاهة” التي تهدف إلى ضمان الشفافية والنزاهة في المؤسسات الحكومية والخاصة. تسعى المملكة من خلال هذه الجهود إلى خلق بيئة خالية من الفساد؛ حيث تكون العدالة هي المعيار الأساسي في إدارة الدولة.
أخيرًا، في اليوم العالمي للقانون، نحتفي بدور القانون كركيزة أساسية لتحقيق السلم والعدل في المجتمعات. وتأتي المملكة العربية السعودية كدولة رائدة في هذا المجال، حيث تقدم نموذجًا يحتذى به في تبني العدالة وتطبيق القانون وفق أفضل الممارسات العالمية مع الحفاظ على القيم والمبادئ الإسلامية. إن التزام المملكة، تحت قيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظهما الله -، بتطوير النظام القانوني وتعزيز مكانته على الساحة الدولية يؤكد رؤيتها الإستراتيجية نحو بناء مجتمع يسوده العدل والمساواة؛ وبهذه المناسبة، يتجدد العهد بمواصلة المملكة لمسيرتها القانونية الرائدة، لتظل منارة للعدالة وداعمة للاستقرار على المستويين المحلي والدولي، ولتعزيز مكانتها كدولة قانونية رائدة في القرن الحادي والعشرين.
حفظ الله المملكة وقادتها وشعبها، وأدام عزها ومجدها ووحدتها، وجعلها ذخرًا للإسلام والمسلمين.
– أستاذ القانون الدولي – جامعة جدة # سياسي – دولي